والتنويه بشأن القرآن في تبشيره ونذارته . وأن الله يسره بكونه عربيا ليسر تلك اللغة .
والإنذار مما حل بالمكذبين من الأمم من الاستئصال .
واشتملت على كرامة زكريا إذ أجاب الله دعاءه فرزقه ولدا على الكبر وعقر امرأته .
وكرامة مريم بخارق العادة في حملها وقداسة ولدها وهو إرهاص لنبوءة عيسى عليه السلام ومثله كلامه في المهد .
والتنويه بإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وإسماعيل وإدريس عليه السلام .
ووصف الجنة وأهلها .
وحكاية إنكار المشركين البعث بمقالة أبي بن خلف والعاصي ابن وائل وتبجحهم على المسلمين بمقامهم ومجامعهم .
وإنذار المشركين أن أصنامهم التي اعتزوا بها سيندمون على اتخاذها .
ووعد الرسول النصر على أعدائه .
وذكر ضرب من كفرهم بنسبة الولد لله تعالى .
A E والتنويه بالقرآن ولملته العربية وأنه بشير لأوليائه ونذير بهلاك معانديه كما هلكت قرون قبلهم .
وقد تكرر في هذه السورة صفة الرحمان ست عشرة مرة وذكر اسم الرحمة أربع مرات فأنبأ بأن من مقاصدها تحقيق وصف الله تعالى بصفة الرحمان . والرد على المشركين الذين تقعروا بإنكار هذا الوصف كما حكى الله تعالى عنهم في قوله في سورة الفرقان ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ) .
ووقع في هذه السورة استطراد بآية ( وما نتنزل إلا بأمر ربك ) .
( كهيعص [ 1 ] ) حروف هجاء مرسومة بمسمياتها ومقروءة بأسمائها فكأنها كتبت لمن يتهجاها . وقد تقدم القول في مجموع نظائرها . وفي المختار من الأقوال منها في سورة البقرة وكذلك موقعها من الكلام .
والأصل في النطق بهذه الحروف أن يكون كل حرف منها موقوفا عليه لأن الأصل فيها أنها تعداد حروف مستقلة أو مختزلة من كلمات .
وقرأ الجمهور جميع أسماء هذه الحروف الخمسة بإخلاص الحركات والسكون بإسكان أواخر أسمائها .
وقرأ أبو عمرو والكسائي وأبو بكر عن عاصم ويعقوب اسم الحرف الثني وهو ( ها ) بالإمالة . وفي رواية عن نافع وابن كثير قرأ ( ها ) بحركة بين الكسر والفتح .
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ( يا ) بالإمالة .
وقرأ نافع وابن كثير وعاصم وأبو جعفر بإظهار دال ( صاد ) . وقرأ الباقون بإدغامه في ذال ( ذكر رحمة ربك ) . وإنما لم يمد ( ها ) و ( يا ) مع أن القارئ إنما ينطق بأسماء هذه الحروف التي في أوائل السور لا بمسمياتها المكتوبة أشكالها واسما هذين الحرفين مختومان بهمزة مخففة للوجه الذي ذكرناه في طالع سورة يونس وهو التخفيف بإزالة لأجل السكت .
واعلم أنك إن جربت على غير المختار في معاني فواتح السور فأما الأقوال التي جعلت الفواتح كلها متحدة في المراد فالأمر ظاهر وأما الأقوال التي خصت بعضها بمعان فقيل في معنى ( كهيعص ) إن حروفها مقتضبة من أسمائه تعالى : الكافي أو الكريم أو الكبير والهاء من هادي والياء من حكيم أو رحيم والعين من العليم أو العظيم والصاد من الصادق وقيل مجموعها اسم من أسمائه تعالى حتى قيل هو الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وقيل اسم من أسماء القرآن أي بتسمية جديدة وليس في ذلك حديث يعتمد .
( ذكر رحمت ربك عبده زكريا [ 2 ] إذ نادى ربه نداء خفيا [ 3 ] ) افتتاح كلام فيتعين أن ( ذكر ) خبر مبتدأ محذوف مثله شائع الحذف في أمثال هذا من العناوين . والتقدير : هذا ذكر رحمة ربك عبده . وهو بمعنى : اذكر . ويجوز أن يكون ( ذكر ) أصله مفعولا مطلقا نائبا عن عامله بمعنى الأمر أي اذكر ذكرا ثم حول عن النصب إلى الرفع للدلالة على الثبات كما حول في قوله ( الحمد لله ) . وقد تقدم في سورة الفاتحة . ويرجحه عطف ( واذكر في الكتاب مريم ) ونظائره .
وقد جاء نظم هذا الكلام على طريقة بديعة من الإيجاز والعدول عن الأسلوب المتعارف في الإخبار وأصل الكلام : ذكر عبدنا زكريا إذ نادى ربه فقال : رب الخ... فرحمة ربك فكان في تقديم الخبر بأن الله رحمه اهتمام بهذه المنقبة له والإنباء بأن الله يرحم من التجأ إليه مع ما إضافة ( رب ) إلى ضمير النبي A وإلى ضمير زكريا من التنويه بهما .
وافتتحت قصة مريم وعيسى بما يتصل بها من شؤون آل بيت مريم وكافلها لأن في تلك الأحوال كلها تذكيرا برحمة الله تعالى وكرامته لأوليائه