ونظير إطلاق اسمين على حي مؤتلف من قبيلتين إطلاق طسم وجديس على أمة من العرب البائدة . وإطلاق السكاسك والسكرن في القبائل اليمنية وإطلاق هلال وزغبة على أعراب إفريقية الواردين من صعيد مصر . وإطلاق أولاد يحيى على حي بتونس بالجنوب الغربي . ومرادة وفرجان على حي من وطن نابل بتونس .
وقرأ الجمهور ( ياجوج وماجوج ) كلتيهما بألف بعد التحتية بدون همز . وقرأه عاصم بالهمز .
واختلف المفسرون في أنه اسم عربي أو معرب . وغالب ظني أنه اسم وضعه القرآن حاكى به معناه في لغة تلك الأمة المناسب لحال مجتمعهم فاشتق لهما من مادة الأج . وهو الخلط . إذ قد علمت أن تلك الأمة كانت أخلاطا من أصناف .
والاستفهام من قوله ( فهل نجعل لك ) مستعمل في العرض .
والخرج : المال الذي يدفع للملك . وهو بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء في قراءة الجمهور . ويقال فيه الخراج بألف بعد الراء . وكذلك قرأة حمزة والكسائي وخلف .
وقرأ الجمهور ( سدا ) بضم السين وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وحفص والكسائي وخلف بفتح السين .
وقوله ( ما مكنني فيه ربي خير ) أي ما آتاني الله من المال والقوة خير من الخراج الذي عرضتموه من السد الذي سألتموه . أي ما مكنني فيه ربي يأتي بخير مما سألتم فإنه لاح له أنه إن سد عليهم المرور من بين الصدفين تحيلوا فتسلقوا الجبال ودخلوا بلاد الصين فأراد أن يبني سورا ممتدا على الجبال في طول حدود البلاد حتى يتعذر عليهم تسلق تلك الجبال .
ولذلك سماه ردما . والردم : البناء المردم . شبه بالثؤب المردم المؤتلف من رقاع فوق رقاع . أي سدا مضاعفا . ولعله بني جدارين متباعدين وردم الفراغ الذي بينهما بالتراب المخلوط ليتعذر نقيبه .
ولما كان ذلك يستدعي عمله كثيرين قال لهم ( فأعينوني بقوة ) أي بقوة الأبدان . أراد تسخيرهم للعمل لدفع الضرر عنهم .
وقد بنى ذو القرنين وهو " تسين شى هوانق تي " سلطان الصين هذا الردم بناء عجيبا في القرن الثالث قبل المسيح وكان يعمل فيه ملايين من الخدمة . فجعل طوله ثلاثة الآف وثلاثمائة كيلو متر . وبعضهم يقول . ألفا ومائتي ميل . بحسب اختلاف الاصطلاح في تقدير الميل . أي البحر الاصفر شرقي مدينة " بيكنغ " عاصمة الصين في خط اتجاه مدينة " مكدن الشهيرة . وذلك عند عرض 40 . 4 شمالا . وطول 12 . 02 شرقا . وهو يلاقي النهر الأصفر حيث الطول 111 ، 50 شرقا . والعرض 39 ، 50 شمالا . وأيضا في 37 عرض شمالي . ومن هنالك يتعطف إلى جهة الشمال الغربي وينتهي بقرب 99 طولا شرقيا و 40 عرضا شماليا .
وهو مبني بالحجارة ولآجر وبعضه من الطين فقط .
وسمكه عند أسفله نحو 25 قدما وعند أعلاه نحو 15 قدما وارتفاعه يتراوح بين 15 إلى 20 قدما . وعليه أبراج مبنية من القراميد ارتفاع بعضها نحو 40 قدما .
وهو الآن بحالة خراب فلم يبق له اعتبار من جهة الدفاع .
ولكنه بقي علامة على الحد الفاصل بين المقاطعات الأرضية فهو فاصل بين الصين ومنغوليا . ويخترق جبال " بابلوني " التي هي حدود طببيعية بين الصين وبلاد منغوليا فمنتهى طرفه إلى الشمال الغربي لصحراء " قوبي " .
وقرأ الجمهور " مكنن " بنون مدغمة . وقرأه ابن كثير بالفك على الأصل .
وقوله ( آتوني زبر الحديد ) هو أمر لهم بمناولة زبر الحديد . فالإيتاء مستعمل في حقيقة معناه وهو المناولة وليس تكليفا للقوم بأن يجلبوا له الحديد من معادنه لأن ذلك ينافي قوله ( ما مكنني فيه ربي خير فأعينوني بقوة ) أي أنه غني عن تكليفهم إنفاقا على جعل السد . وكأن هذا لقصد إقامة أبواب من حديد في مداخل الردم لمرور سيول الماء في شعب الجبل حتى لا ينهدم البناء بأن جعل الأبواب الحديدية كالشبابيك تمنع مرور الناس ولا تمنع انسياب الماء من بين قضبها وجعل قضبان الحديد معضودة بالنحاس المذاب المصبوب على الحديد .
والزبر : جمع زبرة وهي القطعة الكبيرة من الحديد .
A E