وجملة ( إن الله سريع الحساب ) تذييل أيضا .
A E والتبديل : التغيير في شيء إما بتغيير صفاته كقوله تعالى ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) وقولك : بدلت الحلقة خاتما ؛ وإما بتغيير ذاته وإزالتها بذات أخرى كقوله تعالى ( بدلناهم جلودا غيرها ) وقوله ( وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ) .
وتبديل الأرض والسماوات يوم القيامة : إما بتغيير الأوصاف التي كانت لها وإبطال النظم المعروفة فيها في الحياة الدنيا وإما بإزالتها ووجدان أرض وسماوات أخرى في العالم الأخروي . وحاصل المعنى : استبدال العالم المعهود بعالم جديد .
ومعنى ( وبرزوا لله الواحد القهار ) مثل ما ذكر في قوله ( وبرزوا لله جميعا ) . والوصف ب ( الواحد القهار ) للرد على المشركين الذين أثبتوا له شركاء وزعموا أنهم يدافعون عن أتباعهم . وضمير ( برزوا ) عائد إلى معلوم من السياق أي وبرز الناس أو برز المشركون .
والتقرين : وضع اثنين في قرن أي حبل .
والأصفاد : جمع صفاد بوزن كتاب وهو القيد والغل .
والسرابيل : جمع سربال وهو القميص . وجملة ( سرابيلهم من قطران ) حال من ( المجرمين ) .
والقطران : دهن من تركيب كيمياوي قديم عند البشر يصنعونه من إغلاء شجر الأرز وشجر السرو وشجر الأبهل " بضم الهمزة والهاء وبينهما موحدة ساكنة " وهو شجر من فصيلة العرعر ومن شجر العرعر : بأن تقطع الأخشاب وتجعل في قبة مبنية على بلاط سوي وفي القبة قناة إلى خارج وتوقد النار حول تلك الأخشاب فتصعد الأبخرة منها ويسري ماء البخار في القناة فتصب في إناء آخر موضوع تحت القناة فيتجمع منه ماء أسود يعلوه زبد خائر أسود فالماء يعرف بالسائل والزبد يعرف بالبرقي . ويتخذ للتداوي من الجرب للإبل ولغير ذلك مما هو موصوف في كتب الطب وعلم الاقرباذين .
وجعلت سرابيلهم من قطران لأنه شديد الحرارة فيؤلم الجلد الواقع هو عليه فهو لباسهم قبل دخول النار ابتداء بالعذاب حتى يقعوا في النار .
وجملة ( إن الله سريع الحساب ) مستأنفة إما لتحقيق أن ذلك واقع كقوله ( إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع ) وإما استئناف ابتدائي . وأخرت إلى آخر الكلام لتقديم ( يوم تبدل الأرض ) إذا قدر معمولا لها كما ذكرناه آنفا .
( هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب [ 52 ] ) الإشارة إلى الكلام السابق في السورة كلها من أين ابتدأته أصبت مراد الإشارة والأحسن أن يكون للسورة كلها .
والبلاغ : اسم مصدر التبليغ أي هذا المقدار من القرآن في هذه السورة تبليغ للناس كلهم .
واللام في ( للناس ) هي المعروفة بلام التبليغ وهي التي تدخل على اسم من يسمع قولا أو ما في معناه .
وعطف ( ولينذروا ) على ( بلاغ ) عطف على كلام مقدر يدل عليه لفظ " بلاغ " إذ ليس في الجملة التي قبله ما يصلح لأن يعطف هذا عليه فإن وجود لام الجر مع وجود واو العطف مانع من جعله عطفا على الخبر لأن المجرور إذا وقع خبرا عن المبتدأ اتصل به مباشرة دون عطف إذ هو بتقدير كائن أو مستقر وإنما تعطف الأخبار إذا كانت أوصافا . والتقدير : هذا بلاغ للناس ليستيقظوا من غفلتهم ولينذروا به .
واللام في ( ولينذروا ) لام كي . وقد تقدم قريب من نظم هذه الآية في قوله تعالى ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها ) في سورة الأنعام .
والمعنى : وليعلموا مما ذكر فيه من الأدلة ما الله إلا إله واحد أي مقصور على الإلهية الموحدة . وهذا قصر موصوف على صفة وهو إضافي أي أنه تعالى لا يتجاوز تلك الصفة إلى صفة التعدد بالكثرة أو التثليث كقوله ( إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد ) .
والتذكر : النظر في أدلة صدق الرسول A ووجوب اتباعه ولذلك خص بذوي الألباب تنزيلا لغيرهم منزلة من لا عقول لهم ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )