والعمد : جمع عماد مثل إهاب وأهب والعامد : ما تقام عليه القبة والبيت . وجملة ( ترونها ) في موضع الحال من ( السماوات ) أي لا شبهة في كونها بغير عمد .
والقول في معنى ( ثم استوى على العرش ) تقدم في سورة الأعراف وفي سورة يونس .
A E وكذلك الكلام على ( سخر الشمس والقمر ) في قوله تعالى ( والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ) في سورة الأعراف .
والجري : السير السريع . وسير الشمس والقمر والنجوم في مسافات شاسعة فهو أسرع التنقلات في بابها وذلك سيرها في مداراتها .
واللام للعلة . والأجل : هو المدة التي تقدرها الله لدوام سيرها وهي مدة بقاء النظام الشمسي الذي إذا اختل انتثرت العوالم وقامت القيامة .
والمسمى : أصله المعروف باسمه وهو هنا كناية عن المعين المحدد إذ التسمية تستلزم التعيين والتمييز عن الاختلاط .
( يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون [ 2 ] ) جملة ( يدبر الأمر ) في موضع الحال من اسم الجلالة . وجملة ( يفصل الآيات ) حال ثانية ترك عطفها على التي قبلها لتكون على أسلوب التعداد والتوقيف وذلك اهتمام باستقلالها . وتقدم القول على ( يدبر الأمر ) عند قوله ( ومن يدبر الأمر ) في سورة يونس .
وتفصيل الآيات تقدم عند قوله ( أحكمت آياته ثم فصلت ) في طالعة سورة هود .
ووجه الجمع بينهما هنا أن تدبير الأمر يشمل تقدير الخلق الأول والثاني فهو إشارة إلى التصرف بالتكوين للعقول والعوالم وتفصيل الآيات مشير إلى التصرف بالإقامة الأدلة والبراهين وشأن مجموع المرين أن يفيد اهتداء الناس إلى اليقين بأن بعد هذه الحياة حياة أخرى لأن النظر بالعقل في المصنوعات وتدبيرها يهدي إلى ذلك وتفصيل الآيات والأدلة ينبه العقول ويعينها على ذلك الاهتداء ويقربه . وهذا قريب من قوله في سورة يونس ( يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ) . وهذا من إدماج غرض في أثناء غرض آخر لأن الكلام جار على إثبات الوحدانية . وفي أدلة الوحدانية دلالة على البعث أيضا .
وصيغ ( يدبر ) و ( يفصل ) بالمضارع عكس قوله ( الله الذي رفع السماوات ) لأن التدبير والتفصيل متجدد متكرر بتجدد تعلق القدرة بالمقدورات . وأما رفع السماوات وتسخير الشمس والقمر فقد تم واستقر دفعة واحدة .
( وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجيين اثنين ) عطف على جملة ( الله الذي رفع السماوات ) فبين الجملتين شبه التضاد اشتملت الأولى على ذكر العالم العلوية وأحوالها واشتملت الثانية على ذكر العوالم السفلية . والمعنى : أنه خالق جميع العوالم وأعراضها .
والمد : البسط والسعة ومنه : ظل مديد . ومنه مد البحر وجزره ومد يده إذا بسطها . والمعنى : خلق الأرض ممدودة متسعة للسير والزرع لأنه لو خلقها أسنمة من حجر أو جبالا شاهقة متلاصقة لما تيسر للأحياء التي عليها الانتفاع بها والسير من مكان إلى آخر في طلب الرزق وغيره . وليس المراد أنها كانت غير ممدودة فمدها بل هو كقوله ( الله الذي رفع السماوات ) . فهذه خلقة دالة على القدرة وعلى اللطف بعباده فهي آية ومنة .
والرواسي : جمع راس . وهو الثابت المستقر أي جبالا رواسي . وقد حذف موصوفه لظهوره فهو كقوله ( وله الجواري ) أي السفن الجارية . وسيأتي في قوله ( وألقى في الأرض رواسي ) في سورة النحل بأبسط مما هنا .
وجيء في جمع راس بوزن فواعل لأن الموصوف به غير عاقل ووزن فواعل يطرد فيما مفرده صفة لغير عاقل مثل : صاهل وبازل .
والاستدلال بخلق الجبال عل عظيم القدرة لما في خلقها من العظمة المشاهدة بخلاف خلقة المعادن والتراب فهي خفية كما قال تعالى ( وإلى الجبال كيف نصبت ) .
والأنهار : جمع نهر وهو الوادي العظيم . وتقدم في سورة البقرة ( إن الله مبتليكم بنهر ) .
وقوله ( ومن كل الثمرات ) عطف على ( أنهارا ) فهو معمول ل ( جعل فيها رواسي ) . ودخول ( من ) على ( كل ) جرى على الاستعمال العربي في ذكر أجناس غير العاقل كقوله ( وبث فيها من كل دابة ) . و ( من ) هذه تحمل على التبعيض لأن حقائق الأجناس لا تنحصر والموجود منها ما هو إلا بعض جزئيات الماهية لأن منها جزئيات انقضت ومنها جزئيات ستوجد