وعند الجمهور أن سهم رسول الله A يخلفه فيه الإمام يبدأ بنفقته ونفقة عياله بلا تقدير ويصرف الباقي في مصالح المسلمين .
( واليتامى والمساكين وابن السبيل ) تقدم تفسير معانيها عند قوله تعالى ( وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) في سورة البقرة وعند قوله تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا إلى قوله وابن السبيل ) في سورة النساء .
واليتامى وابن السبيل لا يعطون إلا إذا كانوا فقراء ففائدة تعيين خمس الخمس لكل صنف من هؤلاء أن لا يحاصهم فيه غيرهم من الفقراء والشأن في اليتامى في الغالب أن لا تكون لهم سعة في المكاسب فهم مظنة الحاجة ولكنها دون الفقر فجعل لهم حق في المغنم توفيرا عليهم في إقامة شؤونهم فهم من الحاجة المالية أحسن حالا من المساكين وهم من حالة المقدرة أضعف حالا منهم فلو كانوا أغنياء بأموال تركها لهم آباؤهم فلا يعطون من الخمس شيئا .
والمساكين الفقراء الشديد والفقر جعل الله لهم خمس الخمس كما جعل لهم حقا في الزكاة ولم يجعل للفقراء حقا في الخمس كما لم يجعل لليتامى حقا في الزكاة .
A E وابن السبيل أيضا في حاجة إلى الإعانة على البلاغ وتسديد شؤونه فهو مظنة الحاجة فلو كان ابن السبيل ذا وفر وغنى لم يعط من الخمس ولذلك لم يشترط مالك وبعض الفقهاء في اليتامى وأبناء السبيل الفقر بل مطلق الحاجة . واشترط أبو حنيفة الفقر في ذوي القربى واليتامى وأبناء السبيل وجعل ذكرهم دون الاكتفاء بالمساكين لتقرير استحقاقهم .
وقوله ( إن كنتم آمنتم بالله ) شرط يتعلق بما دل عليه قوله ( واعلموا أنما غنمتم ) لأن الأمر بالعلم لما كان المقصود به العمل بالمعلوم والامتثال لمقتضاه كما تقدم صح تعلق الشرط به فيكون قوله ( واعلموا ) دليلا على الجواب أو هو الجواب مقدما على شرطه والتقدير : إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أن ما غنمتم الخ . واعملوا بما علمتم فاقطعوا أطماعكم في ذلك الخمس واقنعوا بالأخماس الأربعة لأن الذي يتوقف على تحقق الإيمان بالله وآياته هو العلم بأنه حكم الله مع العمل المترتب على ذلك العلم . مطلق العلم بأن الرسول قال ذلك .
والشرط هنا محقق الوقوع إذ لا شك في أن المخاطبين مؤمنون بالله والمقصود منه تحقق المشروط وهو مضمون جملة ( واعلموا أن ما غنمتم من شيء ) إلى آخرها . وجيء في الشرط بحرف ( إن ) التي شأن شرطها أن يكون مشكوكا في وقوعه زيادة في حثهم على الطاعة حيث يفرض حالهم في صورة المشكوك في حصول شرطه إلهابا لهم ليبعثهم على إظهار تحقق الشرط فيهم فالمعنى : أنكم آمنتم بالله والإيمان يرشد إلى اليقين بتمام العلم والقدرة له وآمنتم بما أنزل الله على عبده يوم بدر حين فرق الله بين الحق والباطل فرأيتم ذلك رأي العين وارتقى إيمانكم من مرتبة حق اليقين إلى مرتبة عين اليقين فعلمتم أن الله أعلم بنفعكم من أنفسكم إذ يعدكم إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم فكان ما دفعكم الله إليه أحفظ لمصلحتكم واشد تثبيتا لقوة دينكم . فمن رأوا ذلك وتحققوه فهم أحرياء بأن يعلموا أن ما شرع الله لهم من قسمة الغنائم هو المصلحة ولم يعبأوا بما يدخل عليهم من نقص في حظوظهم العاجلة علما بأن وراء ذلك مصالح جملة آجلة في الدنيا والآخرة .
وقوله ( وما أنزلنا ) عطف على اسم الجلالة والمعنى وآمنتم بما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان وهذا تخلص للتذكير بما حصل لهم من النصر يوم بدر والإيمان به يجوز أن يكون الاعتقاد الجازم بحصوله ويجوز أن يكون العلم به فيكون على الوجه الثاني من استعمال المشترك في معنييه أو من عموم المشترك .
وتخصيص ( ما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان ) بالذكر من بين جملة المعلومات الراجعة للاعتقاد لان لذلك المنزل مزيد تعلق بما أمروا به من العمل المعبر عنه بالأمر بالعلم في قوله تعالى ( واعلموا )