وتبسم عن ألمي كان منورا ... توسط حر الرمل دعص له ندي A E وشر اسم تفضيل وأصله " أشر " فحذفت همزته تخفيفا كما حذفت همزة خير كقوله تعالى ( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله ) الآية .
والمراد بالدواب معناه الحقيقي وظاهر أن الدابة الصماء البكماء أخس الدواب .
" عند الله قيد أريد به زيادة تحقيق كونهم " أشر الدواب بان ذلك مقرر في علم الله وليس مجرد اصطلاح ادعائي أي هذه هي الحقيقة في تفاضل الأنواع لا في تسامح العرف والاصطلاح فالعرف يعد الإنسان أكمل من البهائم والحقيقة تفصل حالات الإنسان فالإنسان المنتفع بمواهبه فيما يبلغه إلى الكمال هو بحق أفضل من العجم والإنسان الذي دلى بنفسه إلى حضيض تعطيل انتفاعه بمواهبه السامية يصير أحط من العجماوات .
والمشبهون بالصم البكم هم الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون شبهوا بالصم في عدم الانتفاع بما سمعوا لأنه مما يكفي سماعه في قبوله والعمل به وشبهوا بالبكم في انقطاع الحجة والعجز عن رد ما جاءهم به القرآن فهم ما قبلوه ولا اظهروا عذرا عن عدم قبوله .
ولما وصفهم بانتهاء قبول المعقولات والعجز عن النطق بالحجة اتبعه بانتفاء العقل عنهم اي عقل النظر والتأمل بله عقل التقبل وقد وصف بهذه الأوصاف في القرآن كل من المشركين والمنافقين في مواضع كثيرة .
ولعل ما روي عن ابن عباس من قوله إن الآية نزلت في نفر من بني عبد الدار كما تقدم آنفا إنما عنى بهم نزول قوله تعالى ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) لأنهم الذين قالوا مقالة تقرب مما جاء في الآية .
وجملة ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ) يجوز أن تكون معطوفة على جملة ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم ) الخ باعتبار أن الدواب مشبه به الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ويجوز أن تكون معطوفة على شبه الجملة في قوله ( كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ) وقد سكت المفسرون عن موقع إعراب هذه الجملة وهو دقيق والمعنى أن جبلتهم لا تقبل دعوة الخير والهداية والكمال فلذلك انتفى عنهم الانتفاع بما يسمعون من الحكمة والموعظة والإرشاد فكانوا كالصم وانتفى عنهم أن تصدر منهم الدعوة إلى الخير والكلام بما يفيد كما لا نفسانيا فكانوا كالبكم . فلا معنى : لو علم الله في نفوسهم قابلية لتلقي الخير لتعلقت إرادته بخلق نفوذ الحق في نفوسهم لأن تعلق الإرادة يجري على وفق التعلم ولكنهم انتفت قابلية الخير عن جبلتهم التي جبلوا عليها فلم تنفذ دعوة الخير من أسماعهم إلى تعلقهم أي بحيث لا يدخل الهدى إلى نفوسهم إلا بما يقلب قلوبهم من لطف إلا هي بنحو اختراق أنوار نبوية إلى قلوبهم .
و ( لو ) حرف شرط يقتضي انتفاء مضمون جملة الشرط وانتفاء مضمون جملة الجزاء لأجل انتفاء مضمون الشرط والاستدلال بانتفاء الجزاء على تحقق انتفاء الشرط .
و ( في ) للظرفية المجازية التي هي في معنى الملابسة ومن لطائفها هنا أنها تعبر عن ملابسه باطنية .
ولما كان ( لو ) حرفا يفيد امتناع حصول جوابه بسبب حصول شرطه كان أصل معنى ( لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ) ولو كان في إدراكهم خير يعلمه الله لقبلوا هديه ولكنهم لا خير في جبلة مداركهم فلا يعلم الله فيهم خيرا فلذلك لم ينتفعوا بكلام الله فهم كمن لا يسمع .
فوقعت الكناية عن عدم استعداد مداركهم للخير بعلم الله عدم الخير فيهم ووقع تشبيه عدم انتفاعهم بفهم آيات القرآن بعدم إسماع الله إياهم لأن الآيات كلام الله فإذا لم يقبلوها فكأن الله لم يسمعهم كلامه فالمراد انتفاء الخير الجبلي عنهم وهو القابلية للخير ومعلوم أن انتفاء علم الله بشيء يساوي علمه بعدمه لأن علم الله لا يختلف عن شيء .
فصار معنى ( لو علم الله فيهم خيرا ) لو كان في نفوسهم خير . وعبر عن قبولهم الخير المسموع وانفعال نفوسهم به بإسماع الله إياهم ما يبلغهم الرسول E من القرآن والمواعظ . فالمراد انتفاء الخير الانفعالي عنهم وهو التخلق والامتثال لما يسمعونه من الخير .
A E