و ( المس ) حقيقته وضع اليد على الجسم واستعير للإصابة أو لأدنى الإصابة .
والطائف هو الذي يمشي حول المكان ينتظر الإذن له فهو النازل بالمكان قبل دخوله المكان أطلق هنا على الخاطر الذي يخطر في النفس يبعث على فعل شيء نهى الله عن فعله شبه ذلك الخاطر في مبدإ جولاته في النفس بحلول الطائف قبل أن يستقر .
وكانت عادة العرب أن القادم إلى أهل البيت العائذ برب البيت المستأنس للقرى يستأنس فيطوف بالبيت ويستأذن كما ورد في قصة النابغة مع النعمان بن المنذر حين أنشد أبياته التي أولها : .
" أصم أم يسمع رب القبه وتقدمت في أول سورة الفاتحة ومن ذلك طواف القادمين إلى مكة بالكعبة تشبها بالوافدين على الملوك فلذلك قدم الطواف على جميع المناسك وختمت بالطواف أيضا فلعل كلمة طائف تستعمل في معنى الملم الخفي قال الأعشى : .
وتصبح عن غب السرى وكأنها ... ألم بها من طائف الجن أو لق وقال تعالى ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ) .
وقراءة الجمهور : طائف بألف بعد الطاء وهمزة بعد الألف وقراءة ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب : طيف بدون ألف بعد الطاء وبياء تحتية ساكنة بعد الطاء والطيف خيال يراك في النوم وهو شائع الذكر في الشعر .
وفي كلمة ( إذا ) من قوله ( إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ) مع التعبير بفعل ( مسهم ) الدال على إصابة غير مكينة إشارة إلى أن الفزع إلى الله من الشيطان عند ابتداء إلمام الخواطر الشيطانية بالنفس لأن تلك الخواطر إذا أمهلت لم تلبث أن تصير عزما ثم عملا .
والتعريف في ( الشيطان ) يجوز أن يكون تعريف الجنس : أي من الشياطين ويجوز أن يكون تعريف العهد والمراد به إبليس باعتبار أن ما يوسوس به جنده وأتباعه هو صادر عن أمره وسلطانه .
والتذكر استحضار المعلوم السابق والمراد : تذكروا أوامر الله ووصاياه كقوله ( ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ) ويشمل التذكر تذكر الاستعاذة لمن أمر بها من الأمم الماضية أن كانت مشروعة لهم ومن هذه الأمة فالاقتداء بالذين اتقوا يعم سائر أحوال التذكر للمأمورات .
والفاء لتقريع الإبصار على التذكر . وأكد معنى " فاء " التعقيب ب ( إذا ) الفجائية الدالة على حصول مضمون جملتها دفعة بدون تريث أي تذكروا تذكر ذوي عزم فلم تتريث نفوسهم أن تبين لها الحق الوازع عن العمل بالخواطر الشيطانية فابتعدت عنها وتمسكت بالحق وعملت بما تذكرت فإذا هم ثابتون على هداهم وتقواهم .
وقد استعير الإبصار للاهتداء كما يستعار ضده العمى للضلال أي : فإذا هم مهتدون ناجون من تضليل الشيطان لان الشيطان أراد إضلالهم فسلموا من ذلك ووصفهم باسم الفاعل دون الفعل للدلالة على أن الإبصار ثابت لهم من قبل وليس شيئا متجددا ولذلك اخبر عنهم بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبات .
( وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون [ 202 ] ) عطف على جملة ( الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ) عطف الضد على ضده فان الضدية مناسبة يحسن بها عطف حال الضد على ضده فلما ذكر شان المتقين في دفعهم طائف الشياطين ذكر شان أضدادهم من أهل الشرك والضلال كما وقعت جملة ( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ) من جملة ( هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ) في سورة البقرة .
وجعلها الزجاج عطفا على جملة ( ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون ) أي ويمدونهم في الغي يريد أن شركاءهم لا ينفعونهم بل يضرونهم بزيادة الغي . والإخوان جمع أخ على وزن فعلان مثل جمع خرب و وهو ذكر بزيادة الغي .
والإخوان جمع أخ على وزن فعلان مثل جمع خرب وهو ذكر الحبارى على خربان .
وحقيقة الأخ المشارك في بنوة الأم والأب أو في بنوة أحدهما ويطلق الأخ مجازا على الصديق الودود ومنه ما آخى النبي A بين المهاجرين والأنصار وقول أبي بكر للنبي A لما خطب النبي منه عائشة " إنما أنا أخوك فقال له النبي A أنت أخي وهي حلال لي " ويطلق الأخ على القرين كقولهم أخو الحرب وعلى التابع الملازم كقول عبد بني الحسحاس .
أخوكم ومولى خيركم وحليفكم ... ومن قد ثوى فيكم وعاشركم دهرا