A E وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر : ( نذرهم ) بالنون وبالرفع على أنه عطف جملة على جملة ( من يضلل الله ) على طريقة الالتفات من الغيبة إلى التكلم .
وقرأ حمزة والكسائي وخلف : بالياء التحتية والجزم على أنه عطف على موضع ( فلا هادي له ) وهو جواب الشرط .
وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب : بالياء التحتية وبالرفع والوجه ظاهر .
( يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسئلونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ 187 ] ) استئناف ابتدائي يذكر به شيء من ضلالهم ومحاولة تعجيزهم النبي A بتعيين وقت الساعة .
ومناسبة هذا الاستئناف هي التعرض لتوقع اقتراب أجلهم في قوله ( وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم ) سواء أفسر الأجل بأجل إذهاب أهل الشرك من العرب في الدنيا وهو الاستئصال أم فسر بأجلهم وأجل بقية الناس وهو قيام الساعة فإن للكلام على الساعة مناسبة لكلا الأجلين .
وقد عرف من شنشنة المشركين إنكارهم البعث وتهكمهم بالرسول E من أجل إخباره عن البعث ( وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد افترى على الله كذبا أم به جنة ) وقد جعلوا يسألون النبي A عن الساعة ووقتها تعجيزا له لتوهمهم أنه لما أخبرهم بأمرها فهو يدعي العلم بوقتها ( ويقولون متى هذا الوعد أن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون ) .
فالسائلون هم المشركون وروي ذلك عن قتادة والضمير يعود إلى الذين كذبوا بآياتنا وقد حكي عنهم مثل هذا السؤال في مواضع من القرآن كقوله تعالى في سورة النازعات ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها وقوله عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون ) يعنى البعث والساعة ومن المفسرين من قال : المعني بالسائلين اليهود أرادوا امتحان رسول الله A فسألوه عن الساعة وهذا لا يكون سبب نزول الآية لأن هذه السورة مكية قيل كلها وقيل أن آيتين منها نزلتا بالمدينة ولم يعدوا هذه الآية فيما اختلف في مكان نزوله والسور التي حكي فيها مثل هذا السؤال مكية أيضا نازلة قبل هذه السورة .
والساعة معرفة باللام علم بالغلبة في اصطلاح القرآن على وقت فناء هذا العالم الدنيوي والدخول في العالم الأخروي وتسمى : يوم البعث ويوم القيامة .
و ( أيان ) اسم يدل على السؤال عن الزمان وهو جامد غير متصرف مركب من ( أي ) الاستفهامية و ( آن ) وهو الوقت ثم خففت ( أي ) وقلبت همزة أن ياء ليتأتى الإدغام فصارت أيان بمعنى أي زمان ويتعين الزمان المسؤول عنه بما بعد ( أيان ) ولذلك يتعين أن يكون اسم معنى لا اسم ذات إذ لا يخبر بالزمان عن الذات وأما استعمالها اسم شرط لعموم الأزمنة فذلك بالنقل من الاستفهام إلى الشرط كما نقلت ( متى ) من الاستفهام إلى الشرطية وهي توسيعات في اللغة تصير معاني متجددة . وقد ذكروا في اشتقاق ( أيان ) احتمالات يرجعون بها إلى معاني أفعال وكلها غير مرضية وما ارتأيناه هنا أحسن منها .
فقوله ( أيان ) خبر مقدم لصدارة الاستفهام و ( مرساها ) مبتدأ مؤخر وهو في الأصل مضاف إليه أن إذ الأصل أي أن آن مرسى الساعة .
وجملة ( أيان مرساها ) في موضع نصب بقول محذوف دل عليه فعل ( يسألونك ) والتقدير : يقولون أيان مرساها وهو حكاية لقولهم بالمعنى ولذلك كانت الجملة في معنى البدل عن جملة ( يسألونك عن الساعة ) .
والمرسى مصدر ميمي من الإرساء وهو الإقرار يقال رسا الجبل ثبت وأرساه أثبته وأقره والإرساء الاستقرار بعد السير كما قال الأخطل .
" وقال رائدهم أرسوا نزاولها ومرسى السفينة استقرارها بعد المخر قال تعالى ( بسم الله مجراها ومرساها ) وقد أطلق الإرساء هنا استعارة للوقوع تشبيها لوقوع الأمر الذي كان مترقبا أو متردد فيه بوصول السائر في البر أو البحر إلى المكان الذي يريده .
A E