القول العاشر وقال جماعة إنها أسماء للقرآن اصطلح عليها قاله الكلبي والسدي وقتادة . ويبطله أنه قد وقع بعد بعضها ما لا يناسبها لو كانت أسماء للقرآن نحو آلم غلبت الروم وآلم أحسب الناس .
A E القول الحادي عشر أن كل حروف مركبة منها هي اسم من أسماء الله رووا عن علي أنه كان يقول يا كهيعص يا حم عسق وسكت عن الحروف المفردة فيرجع بها إلى ما يناسبها أن تندرج تحته من الأقوال ويبطله عدم الارتباط بين بعضها وبين ما بعده لأن يكون خبرا أو نحوه عن اسم الله مثل آلم ذلك الكتاب وآلمص كتاب أنزل إليك .
الثاني عشر قال الماوردي هي أفعال فإن حروف آلمص كتاب فعل ألم بمعنى نزل فالمراد آلم ذلك الكتاب أي نزل عليكم ويبطل كلامه أنها لا تقرأ بصيغ الأفعال على أن هذا لا يتأتى في جميعها نحو كهيعص وآلمص وآلر ولولا غرابة هذا القول لكان حريا بالإعراض عنه .
النوع الثالث تندرج فيه الأقوال الراجعة إلى أن هاته الحروف حروف هجاء مقصودة بأسمائها لأغراض داعية لذلك وفيه من الأقوال : القول الثالث عشر أن هاته الحروف أقسم الله تعالى بها كما أقسم بالقلم تنويها بها لأن مسمياتها تألفت منها أسماء الله تعالى وأصول التخاطب والعلوم قاله الأخفش وقد وهن هذا القول بأنها لو كانت مقسما بها لذكر حرف القسم إذ لا يحذف إلا مع اسم الجلالة عند البصريين وبأنها قد ورد بعدها في بعض المواضع قسم نحو ( ن والقلم ) و ( حم والكتاب المبين ) قال صاحب الكشاف : وقد استكرهوا الجمع بين قسمين على مقسم واحد حتى قال الخليل في قوله تعالى ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ) أن الواو الثانية هي التي تضم الأسماء للأسماء أي واو العطف والجواب عن هذا أن اختصاص الحذف باسم الجلالة مختلف فيه وأن كراهية جمع قسمين تندفع بجعل الواو التالية لهاته الفواتح واو العطف على أنهم قد جمعوا بين قسمين قال النابغة : .
والله والله لنعم الفتى ال ... حارث لا النكس ولا الخامل القول الرابع عشر أنها سيقت مساق التهجي مسرودة على نمط التعديد في التهجية تبكيتا للمشركين وإيقاظا لنظرهم في أن هذا الكتاب المتلو عليهم وقد تحدوا بالإتيان بسورة مثله هو كلام مؤلف من عين حروف كلامهم كأنه يغريهم بمحاولة المعارضة ويستأنس لأنفسهم بالشروع في ذلك بتهجي الحروف ومعالجة النطق تعريضا بهم بمعاملتهم معاملة من لم يعرف تقاطيع اللغة . فيلقنها كتهجي الصبيان في أول تعلمهم بالكتاب حتى يكون عجزهم عن المعارضة بعد هذه المحاولة عجزا لا معذرة لهم فيه وقد ذهب إلى هذا القول المبرد وقطرب والفراء قال في الكشاف وهذا القول من القوة والخلاقة بالقبول بمنزلة وقلت وهو الذي نختاره وتظهر المناسبة لوقوعها في فواتح السور أن كل سورة مقصودة بالإعجاز لأن الله تعالى يقول ( فأتوا بسورة من مثله ) فناسب افتتاح ما به الإعجاز بالتمهيد لمحاولته ويؤيد هذا القول أن التهجي ظاهر في هذا المقصد فلذلك لم يسألوا عنه لظهور أمره وأن التهجي معروف عندهم للتعليم فإذا ذكرت حروف الهجاء على تلك الكيفية المعهودة في التعليم في مقام غير صالح للتعليم عرف السامعون أنهم عوملوا معاملة المتعلم لأن حالهم كحاله في العجز عن الإتيان بكلام بليغ ويعضد هذا الوجه تعقيب هاته الحروف في غالب المواقع بذكر القرآن وتنزيله أو كتابيته إلا في كهيعص وآلم أحسب الناس وآلم غلبت الروم ووجه تخصيص بعض تلك الحروف بالتهجي دون بعض وتكرير بعضها لأمر لا نعلمه ولعله لمراعاة فصاحة الكلام ويؤيده أن معظم مواقع هذه الحروف في أوائل السور المكية عدا البقرة على قول من جعلوها كلها مدنية وآل عمران ولعل ذلك لأنهما نزلتا بقرب عهد الهجرة من مكة وأن قصد التحدي في القرآن النازل بمكة قصد أولي ويؤيده أيضا الحروف التي أسماؤها مختومة بألف ممدودة مثل الياء والهاء والراء والطاء والحاء قرئت فواتح السور مقصودة على الطريقة التي يتهجى بها للصبيان في الكتاب طلبا للخفة كما سيأتي قريبا في آخر هذا المبحث من تفسير آلم .
A E