وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم ويعقوب وخلف ( الأول ين ) بتشديد الواو مفتوحة وبكسر اللام وسكون التحتية جمع أول الذي هو مجاز بمعنى المقدم والمبتدأ به . فالذين استحق عليهم هم أولياء الموصي حيث استحق الموصى له الوصية من مال التركة الذي كان للأولياء أي الورثة لولا الوصية وهو مجرور نعت ( للذين استحق عليهم ) .
A E وقرأ حفص عن عاصم ( استحق ) بصيغة البناء للفاعل فيكون ( الأول يان ) هو فاعل ( استحق ) وقوله ( فيقسمان بالله ) تفريع على قوله ( يقومان مقامهما ) .
ومعنى ( لشهادتنا أحق من شهادتهما ) أنهما أولى بأن تقبل شهادتهما من اللذين عثر على أنهما استحقا إثما .
ومعنى ( أحق ) أنها الحق فصيغة التفضيل مسلوبة المفاضلة .
وقوله ( وما اعتدينا ) توكيد للأحقية لأن الأحقية راجعة إلى نفعهما بإثبات ما كتمه الشاهدان الأجنبيان فلو لم تكن كذلك في الواقع لكانت باطلا واعتداء منهما على مال مبلغي الوصية . والمعنى : وما اعتدينا على الشاهدين في اتهامهما بإخفاء بعض التركة .
وقوله ( إنا إذن لمن الظالمين ) أي لو اعتدينا لكنا ظالمين . والمقصود منه الإشعار بأنهما متذكران ما يترتب على الاعتداء والظلم وفي ذلك زيادة وازع .
وقد تضمن القسم على صدق خبرهما يمينا على إثبات حقهما فهي من اليمين التي يثبت بها الحق مع الشاهد العرفي وهو شاهد التهمة التي عثر عليها في الشاهدين اللذين يبلغان الوصية .
والكلام في ( إذن ) هنا مثل الكلام في قوله ( إنا إذن لمن الآثمين ) .
والمعنى أنه إن اختلت شهادة شاهدي الوصية انتقل إلى يمين الموصى له سواء كان الموصى له واحدا أم متعددا . وإنما جاءت الآية بصيغة الاثنين مراعاة للقضية التي نزلت فيها وهي قضية تميم الداري وعدي بن بداء فإن ورثة صاحب التركة كانا اثنين هما : عمرو بن العاصي والمطلب بن أبي وداعة وكلاهما من بني سهم وهما موليا بديل بن أبي مريم السهمي صاحب الجام . فبعض المفسرين يذكر أنهما موليا بديل . وبعضهم يقول : إن مولاه هو عمرو بن العاصي . والظاهر من تحليف المطلب ابن أبي وداعة أن له ولاء من بديل إذ لا يعرف في الإسلام أن يحلف من لا ينتفع باليمين . فإن كان صاحب الحق واحدا حلف وحده وإن كان أصحاب الحق جماعة حلفوا جميعا واستحقوا . ولم يقل أحد أنه إن كان صاحب الحق واحدا يحلف معه من ليس بمستحق ولا إن كان صاحب الحق ثلاثة فأكثر أن يحلف اثنان منهم ويستحقون كلهم . فالاقتصار على اثنين في أيمان الأول يين ناظر إلى قصة سبب النزول فتكون الآية على هذا خاصة بتلك القضية . ويجري ما يخالف تلك القضية على ما هو المعروف في الشريعة في الاستحقاق والتهم . وهذا القول يقتضي أن الآية نزلت قبل حكم الرسول A في وصية بديل بن أبي مريم . وذلك ظاهر بعض روايات الخبر وفي بعض الروايات ما يقتضي أن الآية نزلت بعد أن حكم الرسول E وحينئذ يتعين أن تكون تشريعا لأمثال تلك القضية مما يحدث في المستقبل فيتعين المصير إلى الوجه الأول في اشتراط كون الأوليين اثنين إن أمكن .
وبقيت صورة لم تشملها الآية مثل أن لا يجد المحتضر إلا واحدا من المسلمين أو واحدا من غير المسلمين أو يجد اثنين أحدهما مسلم والآخر غير مسلم . وكل ذلك يجرى على أحكامه المعروفة في الأحكام كلها من يمين من قام له شاهد أو يمين المنكر .
والمشار إليه في قوله : ( ذلك أدنى ) إلى المذكور من الحكم من قوله ( تحبسونهما من بعد الصلاة إلى قوله إنا إذن لمن الظالمين ) .
و ( أدنى ) بمعنى أقرب والقرب هنا مجاز في قرب العلم وهو الظن أي أقوى إلى الظن بالصدق .
وضمير ( يأتوا ) عائد إلى الشهداء وهم : الآخران من غيركم والآخران اللذان يقومان مقامهما أي أن يأتي كل واحد منهم . فجمع الضمير على إرادة التوزيع .
والمعنى أن ما شرع الله من التوثيق والضبط ومن رد الشهادة عند العثور على الريبة أرجى إلى الظن بحصول الصدق لكثرة ما ضبط على كلا الفريقين مما ينفى الغفلة والتساهل بله الزور والجور مع توقي سوء السمعة .
ومعنى ( أن يأتوا بالشهادة ) : أن يؤدوا الشهادة . جعل أداؤها والإخبار بها كالإتيان بشيء من مكان .
A E