- إسناده عن إسماعيل بن عبد الله .
إسناده عن إسماعيل بن عبد الله Bه أحد أكابر المحدثين .
أبو حنيفة ( عن إسماعيل عن أبي صالح عن أم هانىء ) سبق ذكرهما ( قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : إن الله تعالى خلق في الجنة مدينة ) أي بلدة عظيمة ( من مسك اذفر ) افعل وصف من الذفر محركة وهو شدة ذكاء الريح ( ماؤها السلسبيل ) اللام للعهد أي المذكور في قوله تعالى : { ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ... عينا فيها تسمى سلسبيلا } ( 1 ) .
وفي القاموس : السلسبيل اللين الذي لا خشونة فيه والخمر وعين في الجنة انتهى ويقال هو مركب من سلسبيل إليها لتطفى عليها ويتنعم لديها ( وشجرها خلقت من نور ) أي فثمرتها في غاية من لذة وسرر ( فيها ) أي في تلك المدينة ( حور ) أي بيض البدن واسع الأعين حسان في جميع أعضائهن ( على كل واحدة سبعون ذؤابة ) بضم أوله وهي الناصية أو منبتها من الرأس كذا في القاموس . والأظهر أن المراد بها هنا قطعة من الشعر حال كونها مدلاة أعم من أن يكون مضفورة أم لا ( لو أن واحدة منها ) أي من جماعة الحوراء المذكورة ( أشرقت في الأرض ) أي طلعت فيها مع كشف وجهها أو شيء من بدنها ( لأضاءت ) أي لنورت واستنارت ( ما بين المشرق والمغرب ولملأت من طيب ريحها ما بين السماء والأرض فقالوا يا رسول الله لمن هذا ) أي المقام العالي ( قال لمن كان سمحا ) أي سهلا ذا يسر ومسامحة ( في التقاضي ) أي في طلب قضاء حقه دينا أو عينا .
( وفي رواية قال : لو أن واحدة من الحور العين أشرقت لأضاءت ما بين المشرق والمغرب ولملأت ) أي ريحا ( ما بين السماء والأرض من طيبها ) .
( وفي رواية قالت أم هانىء : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن لله مدينة ) أي خالصة ( خلقت من مسك اذفر معلقة تحت العرش ) فإن عرش الرحمن سقف الجنة على ما رووها ( وشجرها من النور وماؤها السلسبيل وحور عينها خلقت من بنات الجنان ) بكسر الجيم جمع الجنة ( على كل واحدة منها سبعون ذؤابة لو أن واحدة منهن ) أي من تلك الذوائب ( علقت في المشرق لأضاءت ) أي لنورت أهل المغرب .
وقد روى الطبراني والضياء عن سعيد بن عامر مرفوعا : لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرقت إلى الأرض لملأت الأرض من ريح المسك ولأذهبت ضوء الشمس والقمر .
وروى أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : لو أن ما يقبل مما في الجنة به لتزخرفت له ما بين مواقف السموات والأرض والجبال ولو أن رجلا من أهل الجنة أطلع قيد أساوره لطمس ضوء الشمس كما يطمس ضوء الشمس ضوء النجوم .
وفي منهاج العابدين للغزالي : لقد حكي أن بعض أصحاب سفيان الثوري كلموه فيما كانوا يرون من خوفه واجتهاده ورثة حاله فقالوا : يا أستاذ لو نقصت من هذه الجهد نلت مرادك أيضا إن شاء الله تعالى فقال سفيان : كيف لا أجتهد وقد بلغني أن أهل الجنة يكونون في منازلهم فيتجلى لهم نور تضيء به الجنان الثمان فيظنون أن ذلك نور من جهة الرب سبحانه فيخرون ساجدين فنودوا أن ارفعوا رؤوسكم فليس الذي تظنون إنما هو نور جارية تبسمت في وجه زوجها فأنشأ يقول : .
ما ضر من كانت الفردوس مسكنه ... ماذا تحمل من بؤس وإقتار .
تراه يمشي كئيبا خائفا وجلا ... إلى المساجد يسعى بين أطمار .
يا نفس مالك من صبر على النار ... قد حان أن تقبلي من بعد إدبار .
_________ .
( 1 ) الإنسان 17 - 18