قال النبي A لأصحابه : إن الأحزاب سائرون إليكم تسعا أو عشرا أي في آخر تسع ليال أو عشر فلما رأوهم قد أقبلوا للميعاد قالوا ذلك . وهذا إشارة إلى الخطب أو البلاء " إيمانا " بالله وبمواعيده " وتسليما " لقضاياه وأقداره .
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالكم وأرضا لم تطؤها وكان الله على كل شئ قديرا " نذر رجال من الصحابة أنهم إذا لقوا حربا مع رسول الله A ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا وهم : عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وحمزة ومصعب بن عمير وغيرهم Bهم : " فمنهم من قضى نحبه " يعني حمزة ومصعبا " ومنهم من ينتظر " يعني عثمان ولحة . وفي الحديث : من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة فإن قلت : ما قضاء النحب ؟ قلت : وقع عبارة عن الموت ؛ لأن كل حي لا بد له من أن يموت . فكأنه نذر لازم في رقبته فإذا مات فقد قضى نحبه أي : نذره . وقوله : " فمنهم من قضى نحبه " يحتمل موته شهيدا ويحتمل وفاءه بنذره من الثبات مع رسول الله A . فإن قلت : فما حقيقة قوله : " صدقوا ما عاهدوا الله عليه " ؟ قلت : يقال : صدقني أخوك وكذبني إذا قال لك الصدق والكذب . وأما المثل : صدقني ين بكره . فمعناه : صدقني في سن بكره بجرح الجار وإيصال الفعل فلا يخلو " ما عاهدوا الله عليه " إما أن يكون بمنزلة السن في طرح الجار وإما أن يجعل المعاهد عليه مصدقا على المجاز كأنهم قالوا للمعاهد عليه : سنفي بك وهم وافون به فقد صدقوه ولو كانوا ناكثين لكذبوه ولكان مكذوبا " وما بدلوا " العهد ولا غيروه لا المستشهد ولا من ينتظر الشهادة ولقد ثبت طلحة مع رسول الله A يوم أحد حتى أصيب يده فقال رسول الله A : أوجب طلحة وفيه بمن بدلوا من أهل النفاق ومرض القلوب : جعل المنافقون كأنهم قصدوا عاقبة السوء وأرادوها بتبديلهم كما قصد الصادقون عاقبة الصدق بوفائهم لأن كلا الفريقين مسوق إلى عاقبته من الثواب والعقاب فكأنهما استويا في طلبهما والسعي لتحصيلهما . ويعذبهم " إن شاء " إذا لم يتوبا " أو يتوب عليهم " إذا تابوا " ورد الله الذين كفروا " الأحزاب " يغيظهم " مغيظين كقوله : " تنبت بالدهن " المؤمنون : 20 . " لم ينالوا خيرا " عير ظافرين وهما حالان بتداخل أو تعاقب . ويجوز أن تكون الثانية بيانا للأولى أو استئنافا " وكفى الله المؤمنين القتال : بالريح والملائكة " وأنزل الذين " ظاهروا الأحزاب من أهل الكتاب " من صياصيهم " من حصونهم . والصيصة ما تحصن به يقال لقرن الثور والظبي : صيصة ولشوكة الديك وهي مخلبه التي في ساقه لأنه يتحصن بها . روي