" إلا غرورا " قيل قائلة : معتب بن قشير حين رأى الأحزاب قال : يعدنا محمد فتح فارس والروك وأحدنا لا يقدر أن يتبرز فريقا ما هذا إلا وعد غرور " كائفة منهم " هم أوس بن قيظي ومن وافقه على رأيه . وعن السدي عبد الله بن أبي وأصحابه . ويثرب : اسم المدينة . وقيل : أرض وقعت المدينة في ناحية منها " لا مقام لكم " قرئ بضم الميم اسم المدينة . وقيل : أرض المدينة في ناحية منها " لا مقام لكم " قرئ بضم الميم وفتحها أي لا قرار لكم ههنا ولا مكان تقيمون فيه أو تقيمون فيه أو تقومون " فأرجعوا " إلى المدينة : أمروهم بالهرب من عسكر رسول الله A وقيل : قالما لهم : ارجعوا كفارا وأسلموا محمدا وإلا فلست يثرب لكم بمكان . قرئ : عورة بسكون الواو وكسرها فالعورة : الخلل والعورة : ذات العورة يقال : عور المكان عورا إذا بدا فيه خلل يخاف منه العدو والسارق . ويجوز أن تكون " عورة " تخفيف : عورة اعتذروا أن بيوتهم معرضة للعدو ممكنة للسراق لأنها غير محرزة ولا محصنة فاستأذنوه وليحصنوها ثم يرجعوا إليه فأكذبهم الله بأنهم لا يخافون ذلك وإنما يريدون الفرار " ولو دخلت عليهم " المدينة . وقيل : بيوتهم من قولك : دخلت على فلان داره " من أقطارها " من جوانبها يريد : ولو دخلت هذه العساكر المتحزبة التي يفرون خوفا منها مدينتهم وبيوتهم من نواحيها كلها . وانثالت على أهليهم وأولادهم ناهين سابين ثم سئلوا عند ذلك الفزع وتلك الرجفة " الفتنة " أي الردة والرجعة إلى الكفر ومقاتلة المسلمين لأتوها : لجاؤها وفعلوها . ومقرئ : لآتوها لأعطوها " وما تلبثوا بها " وما ألبثوا إعطاءها " إلا يسيرا " فإن الله يلهلكهم . والمعنى : أنهم يتعللون بإعوار بيوتهم ويتحملون ليفروا عن نصرة رسول الله A والمؤمنين وعن مصافة الأحزاب الذين ملؤوهم هولا ورعبا ؛ وهؤلاء الأحزاب كما هم لو كسبوا عليهم أرضهم وديارهم وعرض عليهم الكفر وقيل لهم كونوا على المسلمين لساعروا إليه وما تعللوا بشيء وما ذاك إلا لمقتهم إسلام . وشدة بغضهم لأهله وحبهم الكفر وتهالكهم على حزبه .
" ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكانعهد الله مسئولا قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا " عن ابن عباس : عاهدوا رسول الله A ليلة العقبة أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم . وقيل : هم قوم غابوا عن بدر فقالوا : لئن اشهدنا الله قتالا لنقاتلن . وعن محمد بن اسحق عاهدوا يوم أحد أن يفروا بعدما نزل فيهم ما نزل " مسؤلا " مطلوبا مقتضى حتى يوفى به " لن ينفعكم الفرار " مما لا بد لكم من نزوله بكم من حتف أنف أو قتل . وإن نفعكم الفرار مثلا فمنعتم بالتأخير : لم يكن ذلك التمتع إلا زمانا قليلا . وعن بعض المروانية : أنه مر بحائط مائل فأسرع فتليت له هذه الآية فقال : ذلك القليل نطلب .
" قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا " فإن قلت : كيف جعلت الرحمة قرينة السوء في العصمة ولا عصمة إلا من السوء ؟ قلت : معناه أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة فاختصر الكلام وأجرى مجرى قوله : متقلدا سيفا ورومحا أو حمل الثاني على الأول لما في العصمة من معنى المنع .
" قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بالسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسئلون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا "