وقرأ علي وابن ابن عباس Bهما : ضللنا بكسر اللام . يقال : ضل يضل وضل يضل . وقرأ الحسن Bه : صللنا من صل اللحم وأصل : إذا أنتم . وقيل : صرنا من جنس الصلة وهي الأرض . فإن قلت : بم انتصب الظرف في " أئذا ضللنا " قلت : بما يدل عليه إنا لفي خلق جديد وهو نبعث . أو يجدد خلقنا . لقاء ربهم : هو الوصول إلى العاقبة من تلقى ملك الموت وما وراءه فلما ذكر كفرهم بالإنشاء . أضرب عنه إلى ما هو أبلغ في الكفر وهو أنهم كافرون بجميع ما يكون في العاقبة لا بالإنشاء وحده : ألا ترى كيف خوطبوا بتوفي ملك الموت وبالرجوع إلى ربهم بعد ذلك مبعوثين للحساب والجزاء وهذا معنى لقاء الله على ما ذكرنا والتوفي : استفياء النفس وهي الروح . قال الله تعالى : " الله يتوفى الأنفس " الزمر : 42 وقال : أخرجوا أنفسكم وهو أن يقبض كلها لا يترك منها شئ . من قولك : توفيت حقي من فلان واستوفيته إذا أخذته وافيا كاملا من غير نقصان . والتفعل والاستفعال : يلتقيان في مواضع : منها : تقصيته واستقصيته وتعجلته واستعجلته . وعن مجاهد Bه : حويت لملك الموت الأرض وجعلت له مثل الطست يتناول منها حيث يشاء . وعن قتادة : يتوفاهم ومعه أعوان من الملائكة . وقيل : ملك الموت : يدعو الأرواح فتجيبه ثم يأمر أعوانه بقبضها .
" ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها ولكن حق القول منى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون " " ولو ترى " يجوز أن يكون خطابا لرسول الله A وفيه وجهان : أن يراد به التمني كأنه قال : وليتك ترى كقوله A للمغيرة : لو نظرت إليها والتمني لرسول الله A كما كان الترجي له في " لعلهم يهتدون " لأنه تجرع منهم الغصص ومن عداوتهم وضرارهم فجعل الله له تمنى أن يراهم على تلك الصفة الفظيعة من الحياء والخزي والغم ليشمت بهم وأن تكون لو الامتناعية قد حذف جوابها وهو : لرأيت أمرا فظيعا . أو : لرأيت أسوأ حال ترى . ويجوز : أن يخاطب به كل أحد كما تقول : فلان لئيم إن أكرمته أهانك وإن أحسنت إليه أساء إليك فلا تريد به مخاطبا بعينه فكأنك قلت : إن أكرم وإن أحسن إليه ولو وإذك : لاهما للمضي وإنما جاز ذلك ؛ لأن المترقب من الله بمنزلة الوجود المقطوع به في تحققه ولا يقدر لنرى ما يتناوله كأنه قيل : ولو تكون منكم الرؤية وإذ ظرف له . يستغيثون بقولهم " ربنا أبصرنا وسمعنا " فلا يغاثون يعني : أبصرنا صدق وعدك ووعيدك وسمعنا منك تصديق وسلك . أو كنا عميا صما فأبصرنا وسمعنا " فارجعنا " هي الرجعة إلى الدنيا " لأتينا كل نفس هداها " على طريق الإلجاء والقسر ولكننا بنينا الأمر على الاختيار دون الاضطرار فاستحبوا العمى على الهدى فحقت كلمة العذاب على أهل العذاب نتيجة فعلهم : من نسيان العاقبة وقلة الفكر فيها وترك الاستعداد لها . والمراد بالنسيان : خلاف التذكر يعني : أن الانهماك في الشهوات أذهلكم وألهاكم عن تذكر العاقبة وسلط عليكم نسانها ثم قال : " إنا نسيناكم " على المقابلة أي " جازيناكم جزاء نسيانكم . وقيل : هو بمعنى الترك أي : تركتم الفكر في العاقبة فتركناكم من الرحمة وفي استئناف قوله إنا نسيناكم وبناء الفعل على إن واسمها تشديد في الانتقام منهم . والمعنى فذوقوا هذا أي ما أنتم فيه من نكس الرؤوس والخزي والغم بسبب نسيان اللقاء وذقوا العذاب المخلد في جهنم بسبب ما عملتم من المعاصي والكبائر الموبقة .
" إنما يؤمن يئاياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون "