يقول : " ربي أعلم " منكم بحال من أهله الله للفلاح الأعظم حيث جعله نبيا وبعثه بالهدى ووعده حسن العقبي : يعني نفسه ولو كان كما تزعمون كاذبا ساحرا مفتريا لما أهله لذلك لأنه غني حكيم لا يرسل الكاذبين ولا ينبئ الساحرين ولا يفلح عنده الظالمون . و " عاقبة الدار " هي العاقبة المحمودة . والدليل عليه قوله تعالى : " أولئك لهم عقبي الدار جنات عدن " الرعد : 22 - 23 وقوله : " وسيعلم الكفار لمن عقبي الدار " الرعد : 42 والمراد بالدار : الدنيا وعاقبتها وعقباها : أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقي الملائكة بالبشرى عند الموت . فإن قلت : العاقبة المحمودة والمذمومة كلتاهما يصح أن تسمى عاقبة الدار ؛ لأن الدنيا إما أن تكون خاتماها بخير أو بشر فلم اختصت خاتماها بالخير بهذه التسمية دون خاتماها بالشر ؟ قلت : قد وضع الله سبحانه الدنيا مجازا إلى الآخرة وأراد بعباده أن لا يعملوا فيها إلا الخير وما خلقهم إلا لأجله ليتلقوا خاتمة الخير وعاقبة الصدق ومن عمل فيها خلاف ما وضعها الله فقد حرف ؛ فإذا عاقبتها الأصلية هي عاقبة الخير . وأما عاقبة السوء فلا اعتداد بها ؛ لأنها من نتائج تحريف الفجار . وقرأ ابن كثير : ( قال موسى ) بغير واو على ما في مصاحف أهل مكة وهي قراءة حسنة ؛ لأن الموضع سؤال وبحث عما أجابهم به موسى عليه السلام عند تسميتهم مثل تلك الآيات الباهرة : سحرا مفترى . ووجه الأخرى : أنهم قالوا ذلك . وقال موسى عليه السلام هذا ليوازن الناظر بين القول والمقول ويتبصر فساد أحدهما وصحة الآخر : وبضدها تتبين الأشياء وقرئ : ( تكون ) بالياء والتاء .
" وقال فرعون ياأيها الملأ ما علمت لكم من إلاه غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلى أطلع إلى إلاه موسى وإني لأظنه من الكاذبين "