أجركم الله ورحمكم . وثماني حجج : مفعول به ومعناه : رعية ثماني حجج فإن قلت : كيف صح أن ينكحه إحدى ابنتيه من غير تمييز ؟ قلت : لم يكن ذلك عقدا للنكاح ولكن مواعدة ومواصفة أمر قد عزم عليه ولو كان عقدا لقال : قد أنكحتك ولم يقل : إني أريد أن أنكحك . فإن قلت : فكيف صح أن يمهرها إجازة نفسه في رعية الغنم ولا بد من تسليم ما هو مال ؟ ألا ترى إلى أبي حنيفة كيف منع أن يتزوج امرأة بأن يخدمها سنة وجوز أن يتزوجها بأن يخدمها عبده سنة أو يسكنها داره سنة لأنه في الأول : مسلم نفسه وليس بمال وفي الثاني : هو مسلم مالا وهو العبد أو الدار قلت : الأمر على مذهب أبي حنيفة على ما ذكرت . وأما الشافعي : فقد جوز التزوج على الإجارة لبعص الأعمال والخدمة إذا كان المستأجر له أو المخدوم فيه أمرا معلوما ولعل ذلك كان جائزا فيتلك الشريعة ويجوز أن يكون المهر شيئا آخر وإنما أراد أن يكون راعي غنمة هذه المدة وأراد أن ينكحه ابنته فذكر له المرادين وعلق الإنكاح بالرعية على معنى : إني أفعل هذا إذا فعلت ذاك على وجه المعاهدة لا على وجه المعاقدة . ويجوز أن يستأجره لرعية ثماني سنين بمبلغ معلوم ويوفيه إياه ثم ينكحه ابنته به ويجعل قوله : " على أن تأجرني ثماني حجج " عبارة عما جرى بينهما " فإن أتممت " عمل عشر حجج " فمن عندك " فإتمامه من عندك . ومعناه : فهو من عندك لآ من عندي يعني : ألزمكه ولا أحتمه عليك ولكنك إن فعلته فهو منك تفضل وتبرع وإلا فلا عليك " وما أريد أن أشق عليك " بإلزام أتم الأجلين وغيجابه . فإن قلت : ما حقيقة قولهم : شققت عليه وشق عليه الأمر ؟ قلت : حقيقته أن الأمر إذا تعاظمك فكأنه شق عليك ظكط باثنين تقول تارة : أطيقه وتارة : لا أطيقه . أو وعده المساهلة والمسامحة من نفسه وأنه لا يشق عليه فيما استأجره له من رعي غنمه ولا يفعل نحو ما يفعل المعاسرون من المتسرعين من المناقشة في مراعاة الأوقات والمداقة في استيفاء الأعمال وتكليف الرعاة أشغالا خارجة عن حد الشرط وهكذا كان الأنبياء عليهم السلام آخذين بالأسمع في معاملات الناس . ومنه الحديث : كان رسول الله A شريكي فكان خير شريك لا يداري ولا يشاري ولا يماري وقوله : " ستجدني إن شاء الله من الصالحين " يدل على ذلك يريد بالصلاح : حسن المعاملة ووطأة الخلق ولين الجانب . ويجوز أن يريد الصلاح : الاتكال على توفيقه فيه ومعونته لا أنه يستعمل الصلاح إن شاء الله وإن شاء استعمل خلافه " ذلك " مبتدأ و " بيني وبينك " خبره وهو إشارة إلى ما عاهده عليه شعيب ويريد . ذلك الذي قلته وعاهدتني فيه وشارطجتنبي عليه قائم بيننا جميعا لا نخرج كلانا عنه لا أنا عما شرطت علي ولا أنت عما شرطت على نفسك . ثم قال : أي أجل من الأجلين قضيت : أطولهما الذي هو العشر أو أقصرهما الذي هو الثمان " فلا عدوان على " أي لا يعتدى علي في طلب الزيادة عليه . فإن قلت : تصور العدوان إنما هو في أحد الأجلين الذي هو الأقصر وهو المطالبة بتتمة العشر فما معنى تعليق العدوان بهما جميعا ؟ قلت : معناه كما أنى إن طولبت بالزيادة على العشر كان عدوانا لا شك فيه فكذلك إن طولبت بالزيادة على الثمان . أراد بذلك تقرير أمر الخيار وأنه ثابت مستقر وأن الأجلين على السواء : إما هذا وإما من غير تفاوت بينهما في القضاء وأما التتمة فمركولة إلى رأيي : إن شئت أتيت بها وإلا لم أجبر عليها . وقيل : معناه فلا أكون متعديا وهو في نفي العدوان عن نفسه كقولك : لاإثم علي ولا تبعه علي . وفي قراءة ابن مسعود : أي الأجلين ما قضيت . وقرئ : أيما بسكون الياء كقوله : .
تنظرت نصرا والسماكين أيهما ... علي من الغيث استهلت مواطرة