" وإنه " وإن هذا التنزيل يعني : ما نزل من هذه القصص والآيات . والمراد بالتنزيل : المنول . والباء في " نزل به الروح " ونزل به الروح على القراءتين للتعدية . ومعنى " نزل به الروح " جعل الله الروح نازلا به " على قلبك " أي : حفظكه وفهمك إياه وأثبته في قلبك غثبات مالا ينسى كقوله تعالى : " سنقرئك فلا تنسى " الأعلى : 6 " بلسان عربي " إما أن يتعلق بالمنذرين فيكون المعنى : لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان وهم خمسة : هو وصالح وشعيب وإسمعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام . وإما أن يتعلق بنزل فيكون المعنى : نزله باللسان العربي لتنذر به ؛ نه لو نزله باللسان الأعجمي لتجافوا عنه اصلا ولقالوا : ما نصنع بمالا نفهمه فيتعذر الإنذار به وفي هذا الوجه : أن تنزيله بالعربية الني هي لستانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك لانك تفهمه ويفهمه قومك . ولو كان أعجميا لكان نازلا على سمعك دون قلبك لانك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها و لا تعيها وقد يكون الرجل عارفا بعدة لغات فإذا كلم بلغته التي لقنها أولا ونشأ عليها وتطبع بها لم يكن قلبه إلا إلى معاني الكلام يتلقاها بقلبه و لا يكاد يفطن للالفاظ كيف جرت وإن كلم بغير تلك اللغة وإن كان ماهرا بمعرفتها كان نظره أولا في ألفاظها ثم في معانيها فهذا تقرير أنه نزل على قلبه لنزوله بلسان عربي مبين " وإنه " وإن القرآن - يعني ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية . وقيل : إن معانيه فيها . وبه يحتج لأبي حنيفة في جواز القراءة بالفارسية في الصلاة على أن القرآن قرآن إذا ترجم بغير العربية حيث قيل : " وإنه لفي زبر الأولين " لكون معانيه فيها . وقيل : الضمير لرسول الله A وكذلك في " أن يعلمه " وليس بواضح .
" أولم يكن لهم ءاية أن يعلمه علمؤا بني إسرائيل " وقرئ : ( يكن ) بالتذكير . وآية بالنصب على أنها خبره و " أن يعلمه " هو الاسم . وقرئ : ( تكن ) بالتأنيث وجعلت " ءاية " اسما و " أن يعلمه " خبرا وليست كالأولى لوقوع النكرة اسما والمعرفة خبرا وقد خرج لها وجه آخر لتخلص من ذلك فقيل : في " يكن " ضمير القصة و " ءاية أن يعلمه " جملة واقعة موقع الخبر . ويجوز على هذا أن يكون " لهم ءاية " هي جملة الشأن " أن يعلمه " بدلا عن آية . ويجوز مع نصب الآية تأنيث " يكن " كقوله تعالى : " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا " الأنعام : 23 ومنه بيت لبيد : .
فمضى وقدمها وكانت عادة ... منه إذا هي عردت أقدامها .
وقرئ : ( تعلمه ) بالتاء . " وعلماء بني اسرائيل " : عبد الله بن سلام وغيره . قال الله تعالى : " وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين " القصص : 53 . فإن قلت : كيف خط في المصحف " علمؤا " بواو قبل الألف ؟ قلت : خط على لغة من يميل الألف إلى الواو وعلى هذه اللغة كتبت الصلوة والزكوة والربوا .
" ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروأ العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرءيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى ما كانوا يمتعون " الأعجم : الذي لا يفصح وفي لسانه عجمة واستعجام . والأعجمي مثله . إلا أن فيه لزيادة ياء النسبة زيادة تأكيد . وقرأ الحسن : الأعجميين . ولما كان من يتكلم بلسان غير لسانهم لا يفقهون كلامه قالوا له : أعجم وأعجمي شبهوه بمن لا يفصح ولا يبين وقالوا لكل ذي صوت من البهائم والطيور وغيرها : أعجم قال حميد : ولا عربيا شاقه صوت أعجما