نزلت في عقبة بن أبي معيط بن أمية بن عبد شمس وكان يكثر مجالسة رسول الله A . وقيل : اتخذ ضيافة فدعا إليها رسول الله A فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين . ففعل وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال : سبأت يا عقبة ؟ قال : لا ولكن آلى أن لا يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحييت محمدا فلم تطأ قفاه وتبزق في وجهه وتلطم عينه فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك . فقال النبي A : لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف فقتل يوم بدر : أمر عليا Bه بقتله . وقيل : قتله عاصم بن ثابت بن ألفح الأنصاري فرجع إلى مكة فمات . واللام في " الظالم " يجوز أن تكون للعهد يراد به عقبة خاصة . ويجوز أن تكون للجنس فيتناول عقبة وغيره . تمنى أن لو صحب الرسول وسلك معه طريقا واحدا وهو طريق الحق ولم يتشعب به طرق الضلالة والهوى . أو أراد أني كنت ضالا لم يكن لي سبيل قط فليتني حصلت لنفسي في صحبة الرسول سبيلا وقرئ : يا ويلتي بالياء وهو الأصل ؛ لأن الرجل ينادي ويلته وهي هلكته ويقول لها : تعالي فهذا أوانك . وإنما قلبت الياء ألفا كما في صحارى ومداري . فلان : كناية عن الأعلام كنا أن الهن كناية عن الأجناس فإن أريد بالظالم عقبة فالمعنى : ليتني لم أتخذ أبيا خليلا فكنى عن اسمه . وإن أريد به الجنس فكل من اتخذ من المضلين خليلا كان لخليله اسم علم لا محالة فجعله كناية عنه . " عن الذكر " عن ذكر الله أو القرآن أو موعظة الرسول . ويجوز أن يريد نطقه بشهادة الحق وعزمه على الإسلام . والشيطان : إشارة إلى خليلة سماه شيطانا لأنه أضله كما يضل الشيطان ثم خذله ولم ينفعه في العاقبة أو أراد إبليس وأنه هو الذي حمله على مخاله المضل ومخالفة الرسول ثم خذله . أو أراد الجنس . وكل من تشيطن من الجن والإنس . ويحتمل ان يكون " وكان الشيطان " حكاية كلام الظالم وأن يكون كلام الله . اتخذت : يقرأ على الإدغام والإظهار والإدغام أكثر .
" وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرءان مهجورا " الرسول : محمد A وقومه قريش حكى الله عنه شكواه قومه إليه . وفي هذه الحكاية تعظيم للشكاية وتخويف لقومه ؛ لأن الأنبياء كانوا إذا التجئوا إليه وشكوا إليه قومهم : حل بهم العذاب ولم ينظروا .
" وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا " ثم أقبل عليه مسليا ومواسيا وواعدا النصرة عليهم فقال : " وكذلك " كان كل نبي قبلك مبتلى بعداوة قومه . وكفاك بي هاديا إلى طريق قهوهم والانتصار منهم . وناصرا لك عليهم . مهجورا : تركوه وصدوا عنه وعن الإيمان به . وعن النبي A : من تعلم القرآن وعلمه وعلق مصحفا لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول : يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجورا اقض بيني وبينه وقيل : هو من هجر إذا هذي أي جعلوه مهجورا فيه . فحذف الجار وهو على وجهين أحدهما : زعمهم أنه هذيان وباطل وأساطير الأولين . والثاني : أنهم كانوا إذا سمعوه هجروا فيه كقولك تعالى : " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه " فصلت : 26 ويجوز أن يكون المهجور بمعنى الهجر كالمجلود والمعقول . والمعنى : اتخذوه هجرا والعدو : يجوز أن يكون واحدا وجمعا . كقوله : " فإنهم عدو لي " الشعراء : 77 وقيل المعنى : وقال الرسول يوم القيامة .
" وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرءان جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلاناه ترتيلا ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا "