يحشرهم . فيقول : كلاهما بالنون والياء وقرئ : يحشرهم بكسر الشين " وما يعبدون " يريد " المعبودين من الملائكة والمسيح وعزيز . وعن الكلبي " الأصنام ينطقها الله . ويجوز أن كيون عاما لهم جميعا . فإن قلت : كيف صح استعمال " ما " في العقلاء ؟ قلت : هو موضوع على العموم للعقلاء وغيرهم بدليل قولك - إذا رأيت شبحا من بعيد - : ما هو ؟ فإذا قيل لك : إنسان قلت حينئذ : من هو ؟ ويدلك قولهم من لما يعقل . أو أريد به الوصف كأنه قيل : ومعبوديهم ألا تراك تقول إذا أردت السؤال عن صفة زيد ؟ ما زيد : تعني : أطويل أم قصير ؟ أفقيه أم طبيب ؟ فإن قلت : ما فائدة أنتم وهم ؟ وهلا قيل أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل ؟ قلت : ليس السؤال عن الفعل وووده لأنه لولا وجوده لما توجه هذا العتاب وإنما هو عن متوله فلا بد من ذكره وإيلائه حرف الاستفهام حتى يعلم أنه المسؤول عنه فإن قلت : فالله سبحانه قد سبق علمه بالمسؤول عنه فما فائدة هذا السؤال ؟ قلت : فائدته أن يجيبوا بما أجابوا به حتى يبكت عبدتهم بتكذيبهم إياهم فيبهتوا وينخذلوا وتزيد حسرتهم ويكون ذلك نوعا مما يلحقهم من غضب الله وعذابه ويغتبط المؤمنون ويفرحوا بحالهم ونجاتهم من فضيحة يلحقهم من غضب الله وعذابه ويغتبط المؤمنون ويفرحوا بحالهم بحالهم ونجاتهم من فضيحة أولئك وليكون حكاية ذلك في القرآن لطفا للمكلفين . وفيه كسر بين لقول من يزعم أن الله يضل عباده على الحقيقة حيث يقول للمعبودين من دونه : أأنتم أضللتموهم أم هم ضلوا بإنفسهم ؟ فيتبرؤون من لإضلالهم ويستعذبون به أن يكون مضلين ويقولن : بل أنت تفضلت من غير سابقة على هؤلاء وآبائهم تفضل جواد كريم فجعلوا النعمة التي حقها أن تكون سبب الشكر سبب الكفر ونسيان الذكر وكان ذلك سبب هلاكهم فإذا برأت الملائكة والرسل أنفسهم من نسبة الإضلال الذي هو عمل الشياطين إليهم واستعاذوا منه فهم لربهم الغني العدل أشد تبرئة وتنزيها منه ولقد نزهوه حين أضافوا إليه التفضيل بالنعمة والتمتيع بها . وأسندوا نسيان الذكر والتسبب به للبوار إلى الكفرة فشرحوا الإضلال المجازي الذي أسنده الله تعالى إلى ذاته في قوله : " يضل من يشاء " الرعد : 27 ، النحل : 93 ، فاطر : 8 ولو كان هو المضل على الحقيقة لكان الجواب العتيد أن يقولوا : بل أنت أضللتهم . والمعنى : أأنتم أوقعتموهم في الضلال عن طريق الحق ؟ أم هم ضلوا عنه بأنفسهم ؟ وضل : مطاوع أضله وكان القياس : ضل عن السبيل إلا أنهم تركوا الجار كما تركوه في هذه الطريق . والأصل : إلى الطريق وللطريق . وقولهم : أضل البعير في معنى : جعله ضالا أي ضائعا لما كان أكثر ذلك بتفريط من صاحبه وقلة احتياط في حفظه قيل : أضله سواء كان منه فعل أو لم يكن " سبحانك " تعجب منهم قد تعجبوا مما قيل لهم لأنهم ملائكة وأنبياء معصومون فما أبعدهم عن الإضلال الذي هو مختص بإبليس وحزبه . أو نطقوا بسبحانك ليدلوا على أنهم المسبحون المتقدسون الموسومون بذلك . فكيف يليق بحالهم أن يضلوا عباده ؟ أو قصدوا به تنزيهه عن الأنداد وأن يكون له نبي أو ملك أو غيرهما ندا ثم قالوا : ما كان يصح لنا ولا يستقيم ونحن معصومون أن نتولى أحدا دونك فكيف يصح لنا أن نحكل غيرنا على أن يتولونا دونك . أو ما كان ينبغي لنا أن نكون أمثال الشياطين في توليهم الكفار كما تولاهم الكفار . قال الله تعالى : " فقاتلوا أولياء الشياطين " النساء : 76 يريد الكفرة وقال : " والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت " البقرة : 257 وقرأ أبو جعفر المدني : نتخذ على البناء للمفعول . وهذا الفعل أعني اتخذ يتعدى إلى مفعول واحد كقولك اتخذ وليا وإلى مفعولين كقولك : اتخذ فلانا وليا . قال الله تعالى : " أم اتخذوا آلهة من الأرض " الأنبياء : 1 وقال : " واتخذ الله إبراهيم خليلا " النساء : 125 القراءة الأولى من المتعدي إلى واحد وهو " من أولياء " والأصل : أن نتخذ أولياء فزيدت " من " لتأكيد معنى النفي والثانية : من المتعدي إلى مغفولين . فالأول ما بني له الفعل . والثاني : " من أولياء " . ومن للتبعيض أي : لانتخذ بعض أولياء . وتنكير " أولياء " من حيث أنهم أولياء مخصوصون وهم الجن والأصنام . والذكر : ذكر الله والإيمان به أو القرآن والشرائع . والبور : الهلا : . يوصف به الواحد والجمع : ويجوز أن يكون جمع بائر كعائذ وعوذ