وقعت اللام في المصحف مفصولة عن هذا خارجة عن أوضاع الخط العربي وخط المصحف سنة لا تغير . وفي هذا استهانة وتصغير لشأنه وتسميته بالرسول سخرية منهم وطنز كأنهم قالوا : ما لهذا الزاعم أنه رسول . ونحوه قول فرعون " إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون " الشعراء : 27 أي : إن صح أنه رسول الله فما باله حاله مثل حالنا " يأكل الطعام " كما نأكل ؛ ويتردد في الأسواق لطلب المعاش كما نتردد يعنون أنه كان يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيش . ثم نزلوا عن اقتراحهم أن يكون إنسانا معه ملك حتى يتساندا في الإنذار والتخويف ثم نزلوا أيضا فقالوا : وإن لم يكن مرفودا بملك فليكن مرفودا بكنز يلقى إليه السماء يستظهر به ولا يحتاج إلى تحصيل المعاش . ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون رجلا له بستان يأكل منه ويرتزق كما الدهاقين والمياسير أو يأكلون هم من ذلك البستان فينتفعوا به في دنياهم ومعاشهم . وأراد بالظالمين : إياهم بأعيانهم : وضع الظاهر موضع المضمر ليسجل عليهم بالظلم فيما قاولا : وقرئ : فيكون بالرفع أو يكون له جنة بالياء يأكل بالنون فإن قلت : كا وجها الرفع والنصب في فيكون ؟ قلت : النصب لأنه جواب لولا يمعنى هلا وحكمه حكم الاستفهام . والرفع على أنه معطوف على أنزل ومحله الرفع ألا تراك تقول : لولا ينزل بالرفع وقد عطف عليه : يلقى وتكون مرفوعين ولا يجوز النصب فيهما فيهما لأنهما في حكم الواقع بعد لولا ولا يكون إلا مرفوعا . والقائلون هم كفار قريش النضر بن الحرث وعبد الله بن أبي أمية ونوفل بن خويلد ومن ضامهم " مسحورا " سحر فغلب على عقله . أو ذا سحر وهو الرئة : عنوا أنه بشر ملك " انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا " " ضربوا لك الأمثال " أي : قالوا فيك تلك الأقوال واخترعوا لك تلك الصفات والأحوال النادرة . من نبوة مشتركة بين إنسان وملك . وإلقاء كنز عليك من السماء وغير ذلك فبقوا متحيرين ضلالا لا يجدون قولا يستقرون عليه . أو فضلوا عن الحق فلا يجدون طريقا إليه .
" تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا " تكاثر خير " الذي إن شاء " وهب لك في الدنيا " خيرا " مما قالوا وهو أن يعجل لك مثل ما وعدك في الآخرة من الجنات والقصور . وقرئ : ويجعل بالرفع عطفا على جعل ؛ لأن الشرط إذا وقع ماضيا جاز في جزائه الجزم والرفع كقوله : .
وإن أتاه خليل يوم مسئلة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم .
ويجوز في " ويجعل لك " إذا أدغمت : أن تكون اللام في تقدير الجزم والرفع جميعا . وقرئ بالنصب على أنه جواب الشرط والواو .
" بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا " إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وإذا ألقوا منه مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك تبورا لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا " " بل كذبوا " عطف على ما حكي عنهم : يقول : بل أتوا بأعجيب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة . ويجوز أن يتصل بما يليه كأنه قال : بل كذبوا بالساعة فكيف يلتفتون إلى هذا الجواب وكيف يصدقون بتعجيل مثل ما وعدك في الآخرة وهم لا يؤمنون بالآخرة . السعير : النار الشديدة الاستعار . وعن الحسن Bه : أنه اسم من أسماء جهنم " رأتهم من قولهم : دورهم تترا أي : وتتناظر . ومن قوله A :