" ما في الأرض " من البهائم مذللة للركوب في البر ومن المراكب جارية في البحر وغير ذلك من سائر المسخرات . وقرىء : " والفلك " بالرفع على الابتداء " أن تقع " كراهة أن تقع " إلا " بمشيئته " أحياكم " بعد أن كنتم جمادا ترابا ونطفة وعلقة ومضغة " لكفور " لجحود لما أفاض عليه من ضروب النعم .
" لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينزعنك فى الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى عظيم " . هو نهي لرسول الله A أي : لا تلتفت إلى قولهم ولا تمكنهم من أن ينازعوك . أو هو زجر لهم عن التعرض لرسول الله A بالمنازعة في الدين وهم جهال لا علم عندهم وهم كفار خزاعة . روى : أن بديل بن ورقاء وبشر بن سفيان الخزاعيين وغيرهما قالوا للمسلمين : ما لكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله ! .
يعنون الميتة . وقال الزجاج : هو نهي له A عن منازعتهم كما تقول : لا يضاربنك فلان أي : لا تضاربه . وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا بين اثنين " في الأمر " في أمر الدين . وقيل : فبم أمر النسائك وقرىء : " فلا ينزعنك " أي اثبت في دينك ثباتا لا يطمعون أن يجذبوك ليزيلوك عنه . والمراد : زيادة التثبيت للنبي A بما يهيج حميته ويلهب غضبه لله ولدينه . ومنه قوله : " ولا يصدنك عن آيات الله " القصص : 87 ، " ولا تكونن من المشركين " الأنعام : 14 ، يونس : 105 ، القصص : 87 ، " فلا تكونن ظهيرا للكافرين " القصص : 86 ، . وهيهات أن ترتع همة رسول الله A حول ذلك الحمى ولكنه وارد على ما قلت لك من إرادة التهييج والإلهاب . وقال الزجاج : هو من نازعته فنزعته أنزعه أي : غلبته أي : لا يغلبنك في المنازعة . فإن قلت : لم جاءت نظيرة هذه الآية معطوفة بالواو وقد نزعت عن هذه . قلت : لأن تلك وقعت مع ما يدانيها ويناسبها من الآي الواردة في أمر النسائك فعطفت على أخواتها . وأما هذه فواقعة مع أباعد عن معناها فلم تجد معطفا .
" وإن جدلوك فقل الله أعلم بما تعملون " .
أي : وإن أبوا للجاجهم إلا المجادلة بعد اجتهادك أن لا يكون بينك وبينهم تنازع فادفعهم بأن الله أعلم بأعمالكم وبقبحها وبما تستحقون عليها من الجزاء فهو مجازيكم به . وهذا وعيد وإنذار ولكن برفق ولين .
" الله يخكم بينكم يوم القيمة فيما كنتم فيه تختلفون ألم تعلم أن الله يعلم ما فى السماء والأرض إن ذلك فى كتب إن ذلك على الله يسير " .
" الله يحكم بينكم " خطاب من الله للمؤمنين والكافرين أي : يفصل بينكم بالثواب والعقاب ومسلاة للنبي A مما كان يلقى منهم وكيف يخفى عليه ما يعملون ومعلوم عند العلماء بأن الله يعلم كل ما يحدث في السموات والأرض وقد كتبه في اللوح قبل حدوثه . والإحاطة بذلك وإثباته وحفظه عليه " يسير " لأن العالم بالذات لا يتعذر عليه ولا يمتنع تعلق بمعلوم .
" ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطنا وما ليس لهم علم وما للظلمين من نصير " .
" ويعبدون من دون " ما لم يتمسكوا في صحة عبادته ببرهان سماوي من جهة الوحي والسمع ولا ألجأهم إليها علم ضروري ولا حملهم عليها دليل عقلي " وما " للذين ارتكبوا مثل هذا الظلم من أحد ينصرهم ويصوب مذهبهم .
" وإذ تتلى عليهم ءايتنا بينت تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم ءايتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير " .
" المنكر " الفظيع من التجهم والبسور . أو الإنكار كالمكرم بمعنى الإكرام . وقرىء : " يعرف " والمنكر . والسطو : الوثب والبطش . وقرىء : " النار " بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف كأن قائلا قال : ما هو ؟ فقيل : النار أي : هو النار . وبالنصب علىالاختصاص . وبالجر على البدل من " بشر من ذلم " من غيظكم على التالين وسطوكم عليهم . أو مما أصابكم من الكراهة والضجر بسبب ما تلي عليكم " وعدها الله " استئناف كلام . ويحتمل أن تكون " النار " مبتدأ و " وعدها " خبرا وأن يكون حالا عنها إذا نصبتها أو جررتها بإضمار " قد " .
" يأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب "