سنع الأسامي مسبلي أزر ... حمر تمس الأرض بالهدب .
وقال رؤبة للنسابة البكري - وقد سأله عن نسبه - : أنا ابن العجاج فقال : قصرت وعرفت . وقيل : مثلا وشبيها عن مجاهد كقوله : " هل تعلم له سميا " مريم : 65 وإنما قيل للمثل " سمي " لأن كل متشاكلين يسمى كل واحد منهما باسم المثل والشبيه والشكل والنظير فكل واحد منهما سمي لصاحبه ونحو : يحيى في أسمائهم يعمر ويعيش إن كانت التسمية عربية وقد سموا بيموت أيضا وهو يموت بن المزرع قالوا : لم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط وأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر وأنه كان حصورا .
" قال رب أنى يكون لى غلم وكانت امرأتي عاقر وقد بلغت من الكبر عتيا " .
أي كانت على صفة العقر حين أنا شاب وكهل فما رزقت الولد لاختلال أحد السببين أفحين اختل السببان جميعا أرزقه ؟ فإن قلت : لم طلب أولا وهو وامرأته على صفة العتي والعقر فلما أسعف بطلبته استبعد واستعجب ؟ قلت : ليجاب بما أجيب به فيزداد المؤمنون إيقانا ويرتدع المبطلون وإلا فمعتقد زكريا أولا وآخرا كان على منهاج واحد : في أن الله غني عن الأسباب أي بلغت عتيا : وهو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود القاحل يقال : عتا العود وعسا من أجل الكبر والطعن في السن العالية . أو بلغت من مدارج الكبر ومراتبه ما يسمى عتيا . وقرأ ابن وثاب وحمزة والكسائي بكسر العين وكذلك " صليا " مريم : 70 ، وابن مسعود بفتحهما فيهما . وقرأ أبي ومجاهد " عسيا " .
" قال كذلك قال ربك هو على هين وقد ظقئث من قبل ولم تك شيئا " .
" كذلك " الكاف رفع أي الأمر كذلك تصديق له ثم ابتدأ " قال ربك " أو نصب ب " قال " وذلك إشارة إلى مبهم يفسره " هو على هين " ونحوه : " وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين " الحجر : 66 ، وقرأ الحسن " وهو علي هين " ولا يخرج هنا إلا على الوجه الأول : أي الأمر كما قلت وهو على ذلك يهون علي . ووجه آخر : وهو أن يشار بذلك إلى ما تقدم من وعد الله لا إلى قول زكريا . و " قال " محذوف في كلتا القراءتين : أي قال هو علي هين قال وهو علي هين وإن شئت لم تنوه لأن الله هو المخاطب والمعنى : أنه قال ذلك ووعده وقوله الحق " وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا " لأن المعدوم ليس بشيء . أو شيئا يعتد به كقولهم : عجبت من لا شيء وقوله : .
إذا رأى غير شيء ظنه رجلا .
وقرأ الأعمش والكسائي وابن وثاب " خلقناك " .
" قال رب اجعل لي آية قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا " .
أي اجعل لي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به . قال : علامتك أن تمنع الكلام فلا تطيقه وأنت سليم الجوارح سوي الخلق ما بك خرس ولا بكم . دل ذكر الليالي هنا والأيام في آل عمران على أن المنع من الكلام استمر به ثلاثة أيام ولياليهن .
" فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا " .
أوحى : أشار عن مجاهد ويشهد له " إلا رمزا " آل عمران : 41 ، وعن ابن عباس : كتب لهم على الأرض " سبحوا " صلوا أو على الظاهر وأن : هي المفسرة .
" ييحيى خذ الكتب بقوة وءاتينه الحكم صبيا " .
أي خذ التوراة بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد " الحكم " الحكمة . ومنه : .
واحكم كحكم فتاة الحي .
يقال : حكم حكما كحلم حلما وهو الفهم للتوراة والفقه في الدين عن ابن عباس . وقيل : دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صبي فقال : ما للعب خلقنا عن الضحاك . وعن معمر : العقل وقيل : النبوة لأن الله تعالى أحكم عقله في صباه وأوحى إليه .
" وحنانا من لدنا وزكوة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا " " وحنانا " رحمة لأبويه وغيرهما وتعطفا وشفقة . أنشد سيبويه : .
وقالت حنان ما أتى بك ههنا ... أذو نسب أم أنت بالحي عارف .
وقيل : حنانا من الله عليه . وحن : في معنى ارتاح واشتاق ثم استعمل في العطف والرأفة وقيل لله : " حنان " كما قيل : " رحيم " على سبيل الاستعارة . والزكاة : الطهارة وقيل : الصدقة أي : يتعطف على الناس ويتصدق عليهم .
" وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "