بأرض فضاء لا يسد وصيدها ... علي ومعروفي بها غير منكر .
وقرئ " ولملئت " بتشديد اللام للمبالغة . وقرئ بتخفيف الهمزة وقلبها ياء .
و " رعبا " بالتخفيف والتثقيل وهو الخوف الذي يرعب الصدر أي يملؤه وذلك لما ألبسهم الله من الهيبة . وقيل : لطول أظفارهم وشعورهم وعظم أجرامهم . وقيل : لوحشة مكانهم . وعن معاوية أنه غزا الروم فمر بالكهف فقال : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم فقال له ابن عباس Bه : ليس لك ذلك قد منع الله تعالى منه من هو خير منك فقال : " لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا " فقال معاوية : لا أنتهي حتى أعلم علمهم فبعث ناسا وقال لهم : اذهبوا فانظروا ففعلوا فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحا فأحرقتهم . وقرئ : " لو اطلعت " بضم الواو .
" وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فيأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن ينظروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم إلى ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا " .
" وكذلك بعثناهم " وكما أنمناهم تلك النومة كذلك بعثناهم إدكارا بقدرته على الإنامة والبعث جميعا ليسأل بعضهم بعضا ويعرفوا حالهم وما صنع الله بهم فيعتبروا ويستدلوا على عظم قدرة الله تعالى ويزدادوا يقينا ويشكروا ما أنعم الله به عليهم وكرموا به " قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم " جواب مبني على غالب الظن . وفيه دليل على جواز الاجتهاد والقول بالظن الغالب وأنه لا يكون كذبا وإن جاز أن يكون خطا " قالوا ربكم أعلم بما لبثتم " إنكار عليهم من بعضهم وأن الله أعلم بمدة لبثهم كأن هؤلاء قد علموا بالأدلة أو بإلهام من الله أن المدة متطاولة وأن مقدارها مبهم لا يعلمه إلا الله . وروي أنهم دخلوا الكهف غدوة وكان انتباههم بعد الزوال فظنوا أنهم في يومهم فلما نظروا إلى طول أظفارهم وأشعارهم قالوا ذلك . فإن قلت : كيف وصلوا قولهم " فابعثوا " بتذاكر حديث المدة ؟ قلت : كأنهم قالوا : ربكم أعلم بذلك لا طريق لكم إلى علمه فخذوا في شي آخر مما يهمكم . والورق : الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة . ومنه الحديث .
أن عرفجة أصيب أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن فأمره رسول الله A أن يتخذ أنفا من ذهب . وقرئ : بورقكم بسكون الراء والواو مفتوحة أو مكسورة . وقرأ ابن كثير بورقكم بكسر الراء وإدغام القاف في الكاف . وعن ابن محيصن أنه كسر الواو وأسكن الراء وأدغم وهذا غير جائز لالتقاء الساكنين لا على حده . وقيل : المدينة طرسوس . قالوا : وتزودهم ما كان معهم من الورق عند فرارهم : دليل على أن حمل النفقة وما يصلح المسافر هو رأي المتوكلين على الله دون المتكلين على الاتفاقات وعلى ما في أوعية القوم من النفقات . ومنه قول عائشة Bها لمن سألها عن محرم يشد عليه هميانه : أوثق عليك نفقتك . وما حكي عن بعض صعاليك العلماء أنه كان شديد الحنين إلى أن يرزق حج بيت الله وتعولم منه ذلك فكانت مياسير أهل بلده كلما عزم منهم فوج على حج أتوه فبذلوا له أن يحجوا به وألحوا عليه فيعتذر إليهم ويحمد إليهم بذلهم فإذا انفضوا عنه قال لمن عنده : ما لهذا السفر إلا شيئان : شد الهميان والتوكل على الرحمن " بينهم " أي أهلها فحذف الأهل كما في قوله " واسأل القرية " يوسف : 82 ، " أزكى طعاما " أحل وأطيب وأكثر وأرخص " وليتلطف " وليتكلف اللطف والنيقة فيما يباشره من أمر المبايعة حتى لا يغبن . أو في أمر التخفي حتى لا يعرف " ولا يشعرن بكم أحدا " يعني : ولا يفعلن ما يؤدي من غير قصد منه إلى الشعور بنا فسمى ذلك إشعارا منه بهم لأنه سبب فيه الضمير في " إنهم " راجع إلى الأهل المقدر في " أيها " " يرجموكم " يقتلوكم أخبث القتلة وهي الرجم وكانت عادتهم " أو يعيدوكم " أو يدخلوكم " في ملتهم " بالإكراه العنيف ويصيروكم إليها . والعود في معنى الصيرورة أكثر شيء في كلامهم يقولون : ما عدت أفعل كذا يريدون ابتداء الفعل " ولن تفلحوا إذا أبدا " إن دخلتم في دينهم