" وبالحق أنزلناه وبالحق نزل " وما أنزلنا القرآن إلا بالحكمة المقتضية لإنزاله وما نزل إلا ملتبسا بالحق والحكمة لاشتماله على الهداية إلى كل خير أو ما أنزلناه بن السماء إلا بالحق محفوظا بالرصد من الملائكة وما نزل على الرسول إلا محفوظا بهم من تخليط الشياطين " وما أرسلناك " إلا لتبشرهم بالجنة وتنذرهم من النار ليس إليك وراء ذلك شيء من إكراه على الدين أو نحو ذلك .
" وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " .
" وقرآنا " منصوب بفعل يفسره " فرقناه " وقرأ أبي فرقناه بالتشديد أي : جعلنا نزوله مفرقا منجما وعن ابن عباس Bه أنه قرأ مشددا وقال : لم ينزل في يومين أو ثلاثة بل كان بين أوله وآخره عشرون سنة يعني : أن فرق بالتخفيف يدل على فصل متقارب " على مكث " بالفتح والضم : على مهل وتؤدة وتثبت " ونزلناه تنزيلا " على حسب الحوادث .
" قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا تتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا " .
" قل آمنوا به أو لا تؤمنوا " أمر بالإعراض عنهم واحتقارهم والإزدراء بشأنهم وأن لا يكترث بهم وبإيمانهم وبامتناعهم عنه وأنهم إن لم يدخلوا في الإيمان ولم يصدقوا بالقرآن وهم أهل جاهلية وشرك فإن خيرا منهم وأفضل وهم العلماء الذين قرؤوا الكتب وعلموا ما الوحي وما الشرائع قد آمنوا به وصدقوه وثبت عندهم أنه النبي العربي الموعود في كتبهم فإذا تلي عليهم خزوا سجدا وسبحوا الله تعظيما لأمره ولإنجازه ما وعد في الكتب المنزلة وبشر به من بعثة محمد A وإنزال القرآن عليه وهو المراد بالوعد في قوله : " إن كان وعد ربنا لمفعولا.........ويزيدهم خشوعا " أي يزيدهم القرآن لين قلب ورطوبة عين فإن قلت : " إن الذين أوتوا العلم من قبله " تعليل لماذا ؟ قلت : يجوز أن يكون تعليلا لقوله " آمنوا به أو لا تؤمنوا " وأن يكون تعليلا لقل على سبيل التسلية لرسول الله A وتطييب نفسه كأنه قيل : تسل عن إيمان الجهلة بإيمان العلماء وعلى الأول : إن لم تؤمنوا به لقد آمن به من هو خير منكم . فإن قلت : ما معنى الخرور للذقن ؟ قلت : السقوط على الوجه وإنما ذكر الذقن وهو مجتمع اللحيين لأن الساجد أول ما يلقى به الأرض من وجهه الذقن فإن قلت : حرف الاستعلاء ظاهر المعنى إذا قلت خر على وجهه وعلى ذقنه فما معنى اللام في خر لذقنه ولوجهه ؟ قال : .
فخر صريعا لليدين وللفم .
قلت : معناه جعل ذقنه ووجهه للخرور واختصه به لأن اللام للاختصاص . فإن قلت : لم كرر يخرون للأذقان ؟ قلت : لاختلاف الحالين وهما خرورهم في حال كونهم ساجدين وخرورهم في حال كونهم باكين .
" قل أدعو الله أو أدعو الرحمن أيا ما تدعون فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا "