" أن تميد بكم " كراهة أن تميل بكم وتضطرب والمائد : الذي يدار به إذا ركب البحر . قيل : خلق الله الأرض فجعلت تمور فقالت الملائكة : ما هي بمقر أحد على ظهرها فأصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت " وأنهارا " وجعل فيها أنهارا لأن " وألقى " فيه معنى : جعل ألا ترى إلى قوله " ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا " النبأ : 6 ، " وعلامات " هي معالم الطرق وكل ما تستدل به السابلة من جبل ومنهل وغير ذلك . والمراد بالنجم : الجنس كقولك : كثر الدرهم في أيدي الناس وعن السدي : هو الثريا والفرقدان وبنات نعش والجدي . وقرأ الحسن : وبالنجم بضمتين وبضمة وسكون وهو جمع نجم كرهن ورهن والسكون تخفيف . وقيل حذف الواو من النجوم تخفيفا . فإن قلت : قوله " وبالنجم هم يهتدون " مخرج عن سنن الخطاب مقدم فيه النجم مقحم فيه هم كأنه قيل : وبالنجم خصوصا هؤلاء خصوصا يهتدون فمن المراد بهم ؟ قلت : كأنه أراد قريشا : كان لهم اهتداء بالنجوم في مسايرهم وكان لهم بذلك علم لم يكن مثله لغيرهم فكان الشكر أوجب عليهم والاعتبار ألزم لهم فخصصوا .
" أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون " .
فإن قلت : " من لا يخلق " أريد به الأصنام فلم جيء بمن الذي هو لأولي العلم ؟ قلت : فيه أوجه أحدها : أنهم سموها آلهة وعبدوها فأجروها مجرى أولي العلم . ألا ترى إلى قوله على أثره " والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون " النحل : 20 ، والثاني : المشاكلة بينه وبين من يخلق . والثالث : أن يكون المعنى أن من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم فكيف بما لا علم عنده كقوله : " ألهم أرجل يمشون بها " الأعراف : 195 ، يعني أن الآلهة حالهم منحطة عن حال من لهم أرجل وأيد وآذان وقلوب لأن هؤلاء أحياء وهم أموات فكيف تصح لهم العبادة ؟ لا أنها لو صحت لهم هذه الأعضاء لصح أن يعبدوا . فإن قلت : هو إلزام للذين عبدوا الأوثان وسموها آلهة تشبيها بالله فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق فكان حق الإلزام أن يقال لهم : أفمن لا يخلق كمن يخلق ؟ قلت : حين جعلوا غير الله مثل الله في تسميته باسمه والعبادة له وسووا بينه وبينه فقد جعلوا الله تعالى من جنس المخلوقات وشبيها بها فأنكر عليهم ذلك بقوله : " أفمن يخلق كمن لا يخلق " .
" وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم والله يعلم ما تسرون وما تعلنون " .
" لا تحصوها " لا تضبطوا عددها ولا تبلغه طاقتكم فضلا أن تطيقوا القيام بحقها من أداء الشكر أتبع ذلك ما عدد من نعمه تنبيها على أن وراءها ما لا ينحصر ولا ينعد " إن الله لغفور رحيم " حيث يتجاوز عن تقصيركم في أداء شكر النعمة ولا يقطعها عنكم لتفريطكم ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها " والله يعلم ما تسرون وما تعلنون " من أعمالكم وهو وعيد .
" والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون "