" من استرق " في محل النصب على الاستثناء . وعن ابن عباس : أنهم كانوا لا يحجبون عن السموات فلما ولد عيسى منعوا من ثلاث سموات فلما ولد محمد منعوا من السموات كلها " شهاب مبين " ظاهر للمبصرين " موزون " وزن بميزان الحكمة وقدر بمقدار تقتضيه لا يصلح فيه زيادة ولا نقصان أو له وزن وقدر في أبواب النعمة والمنفعة وقيل : ما يوزن من نحو الذهب والفضة والنحاس والحديد وغيرها " معايش " بياء صريحة بخلاف الشمائل والخبائث ونحوهما فإن تصريح الياء فيها خطأ والصواب الهمزة أو إخراج الياء بين بين . وقد قرئ : معائش بالهمزة على التشبيه " ومن لستم له برازقين " عطف على معايش أو على محل لكم كأنه قيل : وجعلنا لكم فيها معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقين أو : وجعلنا لكم معايش ولمن لستم له برازقين .
وأراد بهم العيال والمماليك والخدم الذين يحسبون أنهم يرزقونهم ويخطئون فإن الله هو الرزاق يرزقهم وإياهم ويدخل فيه الأنعام والدواب وكل ما بتلك المثابة مما الله رازقه وقد سبق إلى ظنهم أنهم هم الرزاقون . ولا يجوز أن يكون مجرورا عطفا على الضمير المجرور في " لكم " لأنه لا يعطف على الضمير المجرور .
" وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم " .
ذكر الخزائن تمثيل . والمعنى : وما من شيء ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والإنعام به وما نعطيه إلا بمقدار معلوم نعلم أنه مصلحة له فضرب الخزائن مثلا لاقتداره على كل مقدور .
" وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين " .
" لواقح " فيه قولان أحدهما : أن الريح لاقح إذا جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر كما قيل للتي لا تأتي بخير : ريح عقيم . والثاني : أن اللواقح بمعنى الملاقح كما قال : .
ومختبط مما تطيح الطوائح .
يريد المطاوح جمع مطيحة . وقرئ : وأرسلنا الريح على تأويل الجنس " فأسقيناكموه " فجعلناه لكم سقيا " وما أنتم له بخازنين " نفى عنهم ما أثبته لنفسه في قوله : " وإن من شيء إلا عندنا خزائنه " كأنه قال : نحن الخازنون للماء على معنى نحن القادرون على خلقه في السماء وإنزاله منها وما أنتم عليه بقادرين : دلالة على عظيم قدرته وإظهارا لعجزهم .
" وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم " .
" ونحن الوارثون " أي الباقون بعد هلاك الخلق كله . وقيل للباقي وارث استعارة من وارث الميت لأنه يبقى بعد فنائه . ومنه قوله A في دعائه : " واجعله الوارث منا " " ولقد علمنا " من استقدم ولادة وموتا ومن تأخر من الأولين والآخرين . أو من خرج من أصلاب الرجال ومن لم يخرج بعد . أو من تقدم في الإسلام وسبق إلى الطاعة ومن تأخر . وقيل : المستقدمين في صفوف الجماعة والمتسأخرين . وروي : أن امرأة حسناء كانت في المصليات خلف رسول الله A فكان بعض القوم يستقدم لئلا ينظر إليها وبعض يستأخر ليبصرها فنزلت " هو يحشرهم " أي هو وحده القادر على حشرهم والعالم بحصرهم مع إفراط كثرتهم وتباعد أطراف عددهم " إنه حكيم عليم " باهر الحكمة واسع العلم يفعل كل ما يفعل على مقتضى الحكمة والصواب وقد أحاط علما بكل شيء .
" ولقد خلقنا الإنسان من صلصل من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم "