" السقاية " مشربة يسقى بها وهي الصواع . قيل : كان يسقي بها الملك ثم جعلت صاعا يكال به . وقيل : كانت الدواب تسقي بها وبكال بها . وقيل : كانت إناء مستطيلا يشبه المكوك وقيل : هي المكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه تشرب به الأعاجم . وقيل : كانت من فضة مموهة بالذهب وقيل كانت من ذهب . وقيل : كانت مرصعة بالجواهر " ثم أذن مؤذن " ثم نادى مناد . يقال : آذنه أعلمه . وأذن : أكثر الإعلام . ومنه المؤذن لكثرة ذلك منه . روي : أنهم ارتحلوا وأمهلهم يوسف حتى انطلقوا ثم أمر بهم فأدركوا وحبسوا ثم قيل لهم ذلك . والعير : الإبل التي عليها الأحمال لأنها تعير : أي تذهب وتجيء . وقيل : هي قافلة الحمير ثم كثر حتى قيل لكل قافلة عير كأنها جمع عير وأصلها فعل كسقف وسقف فعل به ما فعل ببيض وعيد والمراد أصحاب العير كقوله : يا خيل الله اركبي . وقرأ ابن مسعود : وجعل السقاية على حذف جواب لما كأنه قيل : فلما جهزهم بجهازهم وجعل السقاية في رحل أخيه أمهلهم حتى انطلقوا ثم أذن مؤذن . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي : تفقدون من أفقدته إذا وجدته فقيدا . وقرئ : صواع وصاع وصوع وصوع بفتح الصاد وضمها والعين معجمة وغير معجمة " وأنا به زعيم " يقوله المؤذن يريد : وأنا بحمل البعير كفيل أؤديه من جاء به وأراد وسق بعير من طعام جعلا لمن حصله .
" قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين " .
" تالله " قسم فيه معنى التعجب مما أضيف إليهم وإنما قالوا " لقد علمتم " فاستشهدوا بعلمهم . لما ثبت عندهم من دلائل دينهم وأمانتهم في كرتي مجيئهم ومداخلتهم للملك ولأنهم دخلوا وأفواه رواحلهم مكعومة لئلا تتناول زرعا أو طعاما لأحد من أهل السوق . ولأنهم ردوا بضاعتهم التي وجدوها في رحالهم " وما كنا سارقين " وما كنا قط نوصف بالسرقة وهي منافية لحالنا .
" قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين " .
" فما جزاؤه " الضمير للصواع أي فما جزاء سرقته " إن كنتم كاذبين " في جحودكم وادعائكم البراءة منه " قالوا جزاؤه من وجد في رحله " أي جزاء سرقته أخذ من وجد في رحله وكان حكم السارق في آل يعقوب أن يسترق سنة فلذلك استفتوا في جزائه . وقولهم " فهو جزاؤه " تقرير للحكم أي : فأخذ السارق نفسه وهو جزاؤه لا غير كقولك : حق زيد أن يكسى ويطعم وينعم عليه فذلك حقه أي : فهو حقه لتقرر ما ذكرته من استحقاقه وتلزمه ويجوز أن يكون " جزاؤه " مبتدأ والجملة الشرطية كما هي خبره على إقامة الظاهر فيها مقام المضمر . والأصل : جزاؤه من وجد في رحله فهو هو فوضع الجزاء موضع هو كما تقول لصاحبك : من أخو زيد فيقول لك أخوه من يقعد إلى جنبه فهو هو يرجع الضمير الأول إلى من والثاني إلى الأخ ثم تقول فهو أخوه مقيما للمظهر مقام المضمر . ويحتمل أن يكون جزاؤه خبر مبتدأ محذوف أي : المسؤل عنه جزاؤه ثم أفتوا بقولهم : من وجد في رحله فهو جزاؤه كما يقول : من يستفتى في جزاء صيد المحرم جزاء صيد المحرم ثم يقول : " ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم " المائدة : 95 .
" فبدأ بأوعيتهم قبل دعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم "