" واستبقا الباب " وتسابقا إلى الباب على حذف الجار وإيصال الفعل كقوله " واختار موسى قومه " الأعراف 155 ، على تضمين أو استبقا معنى ابتدرا نفر منها يوسف فأسرع يريد الباب ليخرج وأسرعت وراءه لتمنعه الخروج . فإن قلت : كيف وجد الباب وقد جمعه في قوله " وغلقت الأبواب " ؟ يوسف : 23 ، قلت : أراد الباب البراني الذي هو المخرج من الدار والمخلص من العار فقد روى كعب أنه لما هرب يوسف جعل فراش القفل يتناثر ويسقط حتى خرج من الأبواب " وقدت قميصه من دبر " اجتذبته من خلفه فانقد أي انشق حين هرب منها إلى الباب وتبعته تمنعه " وألفيا سيدها " وصادفا بعلها وهو قطفير تقول المرأة لبعلها : سيدي . وقيل : إنما لم يقل سيدهما لأن ملك يوسف لم يصح فلم يكن سيدا له على الحقيقة . قيل : ألفياه مقبلا يريد أن يدخل . وقيل جالسا مع ابن عم للمرأة . لما اطلع منها زوجها على تلك الهيئة المريبة وهي مغتاظة على يوسف إذ لم يؤاتها جاءت بحيلة جمعت فيها غرضيها : وهما تبرئة ساحتها عند زوجها من الريبة والغضب على يوسف وتخويفه طمعا في أن يؤاتيها خيفة منها ومن مكرها وكرها لما أيست من مؤاتاته طوعا . ألا ترى إلى قولها : " ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن " يوسف : 32 ، وما نافية أي : ليس جزاؤه إلا السجن . ويجوز أن تكون استفهامية بمعنى : أي شيء جزاؤه إلا السجن كما تقول : من في الدار إلا زيد . فإن قلت : كيف لم تصرح في قولها بذكر يوسف وإنه أراد بها سوءا ؟ قلت : قصدت العموم وأن كل من أراد بأهلك سوءا فحقه أن يسجن أو يعذب لأن ذلك أبلغ فيما قصدته من تخويف يوسف . وقيل : العذاب الأليم الضرب بالسياط . ولما أغرت به وعرضته للسجن والعذاب وجب عليه الدفع عن نفسه فقال : " هي راودتني عن نفسي " ولولا ذلك لكتم عليها " وشهد شاهد من أهلها " قيل كان ابن عم لها إنما ألقى الله الشهادة على لسان من هو من أهلها ؟ لتكون أوجب للحجة عليها وأوثق لبراءة يوسف وأنفى للتهمة عنه وقيل : هو الذي كان جالسا مع زوجها لدى الباب . وقيل كان حكيما يرجع إليه الملك ويستشيره ويجوز أن يكون بعض أهلها كان في الدار فبصر بها من حيث لا تشعر فأغضبه الله ليوسف بالشهادة له والقيام بالحق . وقيل : كان ابن خال لها صبيا في المهد . وعن النبي A : " تكلم أربعة وهم صغار : ابن ماشطة فرعون وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى فإن قلت : لم سمي قوله شهادة وما هو بلفظ الشهادة ؟ قلت : لما أدى مؤدى الشهادة في أن ثبت به قول يوسف وبطل قولها سمي شهادة : فإن قلت : الجملة الشرطية كيف جازت حكايتها بعد فعل الشهادة ؟ قلت : لأنها قول من القول أو على إرادة القول كأنه قيل : وشهد شاهد فقال إن كان قميصه . فإن قلت : إن دل قد قميصه من دبر على أنها كاذبة وأنها هي التي تبعته واجتبذت ثوبه إليها فقدته فمن أين دل قده من قبل على أنها صادقة وأنه كان تابعها ؟ قلت : من وجهين أحدهما : أنه إذا كان تابعها وهي دافعته عن نفسها قدت قميصه من قدامه بالدفع . والثاني : أن يسرع خلفها ليلحقها فيتعثر