" في يوسف وإخوته " أي في قصتهم وحديثهم " آيات " علامات ودلائل على قدرة الله وحكمته في كل شيء " للسائلين " لمن سأل عن قصتهم وعرفها . وقيل آيات على نبوة محمد A للذين سألوه من اليهود عنها فأخبرهم بالصحة من غير سماع من أحد ولا قراءة كتاب . وقرئ : آية وفي بعض المصاحف : عبرة وقيل : إنما قص الله تعالى على النبي E خبر يوسف وبغي إخوته عليه لما رأى من بغي قومه عليه ليتأسى به . وقيل أساميهم : يهوذا : وروبيل وشمعون ولاوي وربالون ويشجر ودينة ودان ونفتالي وجاد وآشر : السبعة الأولون كانوا من ليا بنت خالة يعقوب والأربعة الآخرون من سريتين : زلفة وبلهة . فلما توفيت ليا تزوج أختها راحيل فولدت له بنيامين ويوسف .
" إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين " .
" قال يوسف " اللام للابتداء . وفيها تأكيد وتحقيق لمضمون الجملة . أرادوا أن زيادة محبته لهما أمر ثابت لا شبهة فيه " وأخوه " هو بنيامين . وإنما قالوا أخوه وهم جميعا إخوته لأن أمهما كانت واحدة . وقيل " أحب " في الاثنين لأن أفعل من لا يفرق فيه بين الواحد وما فوقه ولا بين المذكر والمؤنث إذا كان معه من ولا بد من الفرق مع لام التعريف وإذا أضيف جاز الأمران . والواو في " ونحن عصبة " واو الحال . يعني : أنه يفضلهما في المحبة علينا وهما اثنان صغيران لا كفاية فيهما ولا منفعة ونحن جماعة عشرة رجال كفأة نقوم بمرافقه فنحن أحق بزيادة المحبة منهما لفضلنا بالكثرة والمنفعة عليهما " إن أبانا لفي ضلال مبين " أي في ذهاب عن طريق الصواب في ذلك . والعصبة والعصابة : العشرة فصاعدا . وقيل : إلى الأربعين سموا بذلك لأنهم جماعة تعصب بهم الأمور ويستكفون النوائب . وروى النزال بن سبرة عن علي Bه : ونحن عصبة بالنصب . وقيل : معناه ونحن نجتمع عصبة . وعن ابن الأنباري هذا كما تقول العرب إنما العامري عمته ؟ أي يتعهد عمته .
" اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين " .
" اقتلوا يوسف " من جملة ما حكى بعد قوله : إذ قالوا : كأنهم أطبقوا على ذلك إلا من قال " لا " اقتلوا يوسف " وقيل : الآمر بالقتل شمعون وقيل : دان والباقين كانوا راضين فجعلوا آمرين " أرضا " أرضا منكورة مجهولة بعيدة من العمران وهو معنى تنكيرها وإخلائها من الوصف ولإبهامها من هذا الوجه نصبت نصب الظروف المبهمة " يخل لكم وجه أبيكم " يقبل عليكم إقبالة واحدة لا يلتفت عنكم إلى غيركم . والمراد : سلامة محبته لهم ممن يشاركهم فيها وينازعهم إياها فكان ذكر الوجه لتصوير معنى إقباله عليهم لأن الرجل إذا أقبل على الشيء أقبل بوجهه . ويجوز أن يراد بالوجه الذات كما قال تعالى : " ويبقى وجه ربك " الرحمن : 127 وقيل " يخل لكم " يفرغ لكم من الشغل بيوسف " من بعده " من بعد يوسف أي من بعد كفايته بالقتل أو التغريب أو يرجع الضمير إلى مصدر اقتلوا أو اطرحوا " قوما صالحين " تائبين إلى الله مما جنيتم عليه . أو يصلح ما بينكم وبين أبيكم بعذر تمهدونه . أو تصلح دنياكم وتنتظم أموركم بعده بخلو وجه أبيكم . و " تكونوا " إما مجزوم عطفا على " يخل لكم " أو منصوب بإضمار أن والواو بمعنى مع كقوله : " وتكتموا الحق " البقرة : 42 .
" قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين " .
" قائل منهم " هو يهوذا وكان أحسنهم فيه رأيا . وهو الذي قال : فلن أبرح الأرض . قال لهم : القتل عظيم " وألقوه في غيابت الجب " وهي غوره وما غاب منه عن عين الناظر وأظلم من أسفله . قال المنخل : .
وإن أنا يوما غيبتني غيابتي ... فسيروا فسيري في العشيرة والأهل .
أراد غيابة حفرته التي يدفن فيها . وقرئ : غيابات على الجمع . وغيابات بالتشديد . وقرأ الجحدري غيبة والجب : البئر لم تطو لأن الأرض تجب جبا لا غير ؟ " يلتقطه " يأخذه بعض السيارة بعض الأقوام الذين يسيرون في الطريق . وقرئ : تلتقطه بالتاء على المعنى لأن بعض السيارة سيارة كقوله : .
كما شرقت صدر القناة من الدم .
ومنه : ذهبت بعض أصابعه " إن كنتم فاعلين " إن كنتم على أن تفعلوا ما يحصل به غرضكم فهذا هو الرأي