النجس : مصدر يقال : نجس نجسا قذر قذرا . ومعناه ذوو نجس لأن معهم الشرك الذي هو بمنزلة النجس ولأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون ولا يجتنبون النجاسات فهي ملابسة لهم . أو جعلوا كأنهم النجاسة بعينها مبالغة في وصفهم بها . وعن ابن عباس Bه : أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير . وعن الحسن : من صافح مشركا توضأ . وأهل المذاهب على خلاف هذين القولين . وقرئ : نجس بكسر النون وسكون الجيم على تقدير حذف الموصوف كأنه قيل : إنما المشركون جنس نجس أو ضرب نجس وأكثر ما جاء تابعا لرجس وهو تخفيف نجس نحو : كبد في كبد " فلا يقربوا المسجد الحرام " فلا يحجوا ولا يعتمروا كما كانوا يفعلون في الجاهلية " بعد عامهم هذا " بعد حج عامهم هذا وهو عام تسع من الهجرة حين أمر أبو بكر على الموسم وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ويدل عليه قول علي كرم الله وجهه حين نادى ببراءة : ألا لا يحج بعد عامنا هذا مشرك ولا يمنعون من دخول الحرم والمسجد الحرام وسائر المساجد عندهم . وعند الشافعي : يمنعون من المسجد الحرام خاصة . وعند مالك : يمنعون منه ومن غيره من المساجد . وعن عطاء رضي الله عنه أن المراد بالمسجد الحرام : الحرم وأن على المسلمين أن لا يمكنوهم من دخوله ونهي المشركين أن يقربوه راجع إلى نهي المسلمين عن تمكينهم منه وقيل : المراد أن يمنعوا من تولي المسجد الحرام والقيام بمصالحة ويعزلوا عن ذلك " وإن خفتم عيلة " أي فقرا بسبب منع المشركين من الحج ومما كان لكم في قدومهم عليكم من الأرفاق والمكاسب " فسوف يغنيكم الله من فضله " من عطائه أو من تفضله بوجه آخر فأرسل السماء عليهم مدرارا فأغزر بها خيرهم وأكثر يرهم وأسلم أهل تبالة وجرش فحملوا إلى مكة الطعام وما يعاش به فكان ذلك أعود عليهم مما خافوا العيلة لفواته . وعن ابن عباس Bه : ألقى الشيطان في قلوبهم الخوف وقال : من أين تأكلون ؟ فأمرهم الله بقتال أهل الكتاب وأغناهم بالجزية . وقيل : بفتح البلاد والغنائم . وقرئ : عائلة بمعنى المصدر كالعافية أو حالا عائلة . ومعنى قوله : " إن شاء " الله . إن أوجبت الحكمة إغناءكم وكان مصلحة لكم في دينكم " إن الله عليم " بأحوالكم " حكيم " لا يعطي ولا يمنع إلا عن حكمة وصواب .
" قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " .
" من الذين أوتوا الكتب " بيان للذين مع ما في حيزه . نفى عنهم الإيمان بالله لأن اليهود مثنية والنصارى مثلثة . وإيمانهم باليوم الآخر لأنهم فيه على خلاف ما يجب وتحريم ما حرم الله ورسوله لأنهم لا يحرمون ما حرم في الكتاب والسنة . وعن أبي روق : لا يعملون بما في التوراة والإنجيل وأن يدينوا دين الحق وأن يعتقدوا دين الإسلام الذي هو الحق وما سواه الباطل . وقيل : دين الله يقال : فلان يدين بكذا إذا اتخذه دينه ومعتقده . سميت جزية لأنها طائفة مما على أهل الذمة أن يجزوه أي يقضوه أو لأنهم يجزون بها من من عليهم بالإعفاء عن القتل " عن يد " إما أن يراد يد المعطي أو الآخذ فمعناه على إرادة يد المعطي حتى يعطوها عن يد : أي عن يد مؤاتية غير ممتنعة لأن من أبى وامتنع لم يعط يده بخلاف المطيع المنقاد ولذلك قالوا : أعطى بيده . إذا انقاد وأصب . ألا ترى إلى قولهم : نزع يده عن الطاعة كما يقال : خلع ربقة الطاعة عن عنقه أو حتى يعطوها عن يد إلى يد نقدا غير نسيئة لا مبعوثا على يد أحد . ولكن عن يد المعطي إلى يد الأخذ وأما على إرادة يد الأخذ فمعناه حتى يعطوها عن يد قاهرة مستولية أو عن إنعام عليهم . لأن قبول الجزية منهم وترك أرواحهم لهم نعمة عظيمة عليهم " وهم صاغرون " أي تؤخذ منهم على الصغار والذل . وهو أن يأتي بها بنفسه ماشيا غير راكب ويسلمها وهو قائم والمتسلم جالس وأن يتلتل تلتلة ويؤخذ بتلبيبه ويقال له : أد الجزية وإن كان يؤديها ويزخ في قفاه وتسقط بالإسلام عند أبي حنيفة ولا يسقط به خراج الأرض . واختلف فيمن تضرب عليه فعند أبي حنيفة : تضرب على كل كافر من ذمي ومجوسي وصابئ وحربي إلا على مشركي العرب وحدهم . روى الزهري :