أن رسول الله A وقف يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع فقال " هذا يوم الحج الأكبر " ووصف الحج بالأكبر لأن العمرة تسمى الحج الأصغر أو جعل الوقوف بعرفة هو الحج الأكبر لأنه معظم واجباته ؟ لأنه إذا فات فات الحج وكذلك إن أريد به يوم النحر ؟ لأن ما يفعل فيه معظم أفعال الحج فهو الحج الأكبر . وعن الحسن Bه : سمي يوم الحج الأكبر لاجتماع المسلمين والمشركين فيه وموافقته لأعياد أهل الكتاب ولم يتفق ذلك قبله ولا بعده فعظم على قلب كل مؤمن وكافر . حذفت الباء التي هي صلة الأذان تخفيفا وقرئ " إن الله " بالكسر لأن الأذان في معنى القول " ورسوله " عطف على المنوي في " بريء " أو على محل إن المكسورة واسمها وقرئ بالنصب عطفا على اسم إن أو لأن الواو بمعنى مع : أي بريء معه منهم وبالجر على الجوار . وقيل : على القسم كقوله : لعمرك . ويحكى أن أعرابيا سمع رجلا يقرؤها فقال : إن كان الله بريئا من رسوله فأنا منه بريء فلببه الرجل إلى عمر فحكى الأعرابي قراءته فعندها أمر عمر Bه بتعلم العربية " فإن تبتم " من الكفر والغدر " فهو خير لكم وإن توليتم " عن التوبة أو ثبتم على التولي والإعراض عن الإسلام والوفاء فاعلموا أنكم غير سابقين الله تعالى ولا فائتين أخذه وعقابه .
" إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين " .
فإن قلت : مم استثنى قوله " إلا الذين عاهدتم " ؟ قلت : وجهه أن يكون مستثنى من قوله : فسيحوا في الأرض " التوبة : 2 ، لأن الكلام خطاب للمسلمين . ومعناه : براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين . فقولوا لهم سيحوا إلا الذين عاهدتم منهم ثم لم ينقضوا فأتموا إليهم عهدهم والاستثناء بمعنى الاستدراك وكأنه قيل بعد أن أمروا في الناكثين ولكن الذين لم يمكثوا فأتموا إليهم عهدهم ولا تجروهم مجراهم ولا تجعلوا الوفي كالغادر " إن الله يحب المتقين " يعني أن قضية التقوى أن لا يسوي بين القبيلين فاتقوا الله في ذلك " لم ينقصوكم شيئا " لم يقتلوا منكم أحدا ولم يضروكم قط " ولم يظاهروا " ولم يعاونوا " عليكم " عدوا كما عدت بنو بكر على خزاعة عيبة رسول الله A وظاهرتهم قريش بالسلاح حتى وفد عمرو بن سالم الخزاعي على رسول الله A فأنشد : .
لاهم إني ناشد محمدا ... حلف أبنا وأبيك الأتلدا .
إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ذمامك المؤكدا .
هم بيتونا بالحطيم هجدا ... وقتلونا ركعا وسجدا .
فقال E : " لا نصرت إن لم أنصركم " وقرئ : " لم ينقضوكم " بالضاد معجمة أي لم ينقضوا عهدكم . ومعنى " فأتموا إليهم " فأدوه إليهم تاما كاملا . قال ابن عباس Bه : بقي لحي من كنانة من عهدهم تسعة أشهر فأتم إليهم عهدهم .
" فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم " .
انسلخ الشهر كقولك انجرد الشهر وسنة جرداء . و " الأشهر الحرم " التي أبيح فيها للناكثين أن يسيحوا " فاقتلوا المشركين " يعني الذين نقضوكم وظاهروا عليكم " حيث وجدتموهم " من حل أو حرم " وخذوهم " وأسروهم . والأخيذ : الأسير " واحصروهم " وقيدوهم وامنعوهم من التصرف في البلاد . وعن ابن عباس Bه : حصرهم أن يحال بينهم وبين المسجد الحرام " كل مرصد " مجتاز ترصدونهم به وانتصابه على الظرف كقوله " لأقعدن لهم صراطك المستقيم " الأعراف : 16 ، . " فخلوا سبيلهم " فأطلقوا عنهم بعد الأسر والحصر . أو فكفوا عنهم ولا تتعرضوا لهم كقوله : .
خل السبيل لمن يبني المنار به .
وعن ابن عباس Bه : دعوهم وإتيان المسجد الحرام " إن الله غفور رحيم " يغفر لهم ما سلف من الكفر والغدر .
" وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون "