" إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقوم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه " " كأنك حفي عنها " كأنك عالم بها . وحقيقته : كأنك بليغ في السؤال عنها لأن من بالغ في المسألة عن الشيء والتنقير عنه استحكم فيه ورصن وهذا التركيب معناه المبالغة . ومنه إحفاء الشارب . إحتفاء البقل : استئصاله . وأحفى في المسألة إذا ألحف وحفي بفلان وتحفى به : بالغ في البر به . وعن مجاهد : استحفيت عنها السؤال حتى علمت . وقرأ ابن مسعود : " كأنك حفي بها " أي عالم بها بليغ في العلم بها . وقيل : " عنها " متعلق بيسئلونك : أي يسئلونك عنها كأنك حفي أي عالم بها . وقيل : إن قريشا قالوا له إن بيننا وبينك قرابة فقل لنا متى لساعة ؟ فقيل : يسئلونك عنها كأنك حفي تتحفى بهم فتختصهم بتعليم وقتها لأجل القرابة تزوي علمها عن غيرهم ولو أخبرت بوقتها لمصلحة عرفها الله في إخبارك به لكنت بلغه القريب والبعيد من غير تخصيص كسائر ما أوحي إليك . وقيل : كأنك حفي بالسؤال عنها تحبه وتؤثره يعني أنك تكره السؤال عنها لأنها من علم الغيب الذي استأثر الله به ولم يؤته أحدا من خلقه . فإن قلت : لم كرر يسألونك وإنما علمها عند الله ؟ قلت : للتأكيد ولما جاء به من زيادة قوله : " كأنك حفي عنها " وعلى هذا تكرير العلماء الحذاق في كتبهم لا يخلون المكرر من فائدة زائدة منهم محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمهما الله " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " أنه العالم بها وأنه المختص بالعلم بها .
" قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء وإن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون " .
" قل لا أملك لنفسي " هو إظهار للعبودية والانتفاء عما يختص بالربوبية من علم الغيب : أي أنا عبد ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضرركما المماليك والعبيد " إلا ما شاء الله " ربي ومالكي من النفع لي والدفع عني " ولو كنت أعلم الغيب " لكانت حالي على خلاف ما هي عليه من استكثار الخير واستغزار المنافع واجتناب السوء والمضار حتى لا يمسني شيء منها . ولم أكن غالبا مرة ومغلوبا أخرى في الحروب . ورابحا وخاسرا في التجارات ومصيبا ومخطئا في التدابير " إن أنا إلا " عبد أرسلت نذيرا وبشيرا وما من شأني أني أعلم الغيب " لقوم يؤمنون " يجوز أن يتعلق بالنذير والبشير جميعا لأن النذارة والبشارة إنما تنفعان فيهم . أو يتعلق بالبشير وحده ويكون المتعلق بالنذير محذوفا أي إلا نذير للكافرين وبشير لقوم يؤمنون .
" هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتيناهم صالحا جعلا له شركاء فيما آتيناهما فتعالى الله عما يشركون "