ودينهم : ما كانوا عليه من دين إسماعيل عليه السلام حتى زلوا عنه إلى الشرك . وقيل : دينهم الذي وجب أن يكونوا عليه . وقيل معناه وليوقعوهم في دين ملتبس . فإن قلت : ما معنى اللام ؟ قلت : إن كان التزيين من الشياطين فهي على حقيقة التعليل وإن كان من السدنة فعلى معنى الصيرورة " ولو شاء الله " مشيئة قسر " ما فعلوه " لما فعل المشركون ما زين لهم من القتل . أو لما فعل الشياطين أو السدنة التزيين أو الإرداء أو اللبس أو جميع ذلك إن جعلت الضمير جاريا مجرى اسم الإشارة " وما يفترون " وما يفترونه من الإفك . أو وافتراؤهم .
" وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكر اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيه بما كانوا يفترون " .
" حجر " فعل بمعنى مفعول كالذبح والطحن ويستوي في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والجمع لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات : وقرأ الحسن وقتادة " حجر " بضم الحاء . وقرأ ابن عباس : حرج وهو من التضييق وكانوا إذا عينوا أشياء من حرثهم وأنعامهم لآلهتهم قالوا : " لا يطعمها إلا من نشاء " يعنون خدم الأوثان والرجال دون النساء " وأنعام حرمت ظهورها " وهي البحائر والسوائب والحوامي " وأنعام لا يذكر اسم الله عليها " في الذبح وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام . وقيل : لا يحجون عليها ولا يلبون على ظهورها . والمعنى : أنهم قسموا أنعامهم فقالوا : هذه أنعام حجر وأنعام محرمة الظهور وهذه أنعام لا يذكر عليها اسم الله . فجعلوها أجناسا بهواهم ونسبوا ذلك التجنيس إلى الله " افتراء عليه " أي فعلوا ذلك كله على جهة الافتراء تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وانتصابه على أنه مفعول له : أو حال أو مصدر مؤكد لأن قولهم ذلك في معنى الافتراء .
" وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم " .
كانوا يقولون في أجنة البحائر والسوائب : ما ولد منها حيا فهو خالص للذكور لا تأكل منه الإناث ومما ولد منها ميتا اشترك فيه الذكور الإناث . وأنث " خالصة " للحمل على المعنى لأن ما في معنى الأجنة وذكر " وأنعام حرمت " للحمل على اللفظ . ونظيره " ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك " محمد : 16 ، ويجوز أن تكون التاء للمبالغة مثلها في رواية الشعر . وأن تكون مصدرا وقع موقع الخالص كالعاقبة أي ذو خالصة . ويدل عليه قراءة من قرأ : خالصة بالنصب على أن قوله " لذكورنا " هو الخبر وخالصة مصدر مؤكد ولا يجوز أن يكون حالا متقدمة لأن المجرور لا يتقدم عليه حاله . وقرأ ابن عباس : خالصة على الإضافة . وفي مصحف عبد الله : خالص " وإن يكن ميتة " وإن يكن ما في بطونها ميتة . وقرئ : وإن تكن بالتأنيث على : وإن تكن الأجنة ميتة . وقرأ أهل مكة : " وإن تكن ميتة " بالتأنيث والرفع على كان التامة وتذكير الضمير في قوله : " فهم فيه شركاء " لأن الميتة لكل ميت ذكر أو أنثى فكأنه قيل : وإن يكن ميت فهم فيه شركاء " سيجزيهم وصفهم " أي : جزاء وصفهم الكذب على الله في التحليل والتحريم من قوله تعالى : " ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام " النحل : 116 .
" قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين " .
نزلت في ربيعة ومضر والعرب الذين كانوا يئدون بناتهم مخافة السبي والفقر " سفها بغير علم " لخفة أحلامهم وجهلهم بأن الله هو رازق أولادهم لا هم . وقرئ : قتلوا بالتشديد " ما رزقهم الله " من البحائر والسوئب وغيرها .
" وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخيل والزرع مختلف أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وأتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " .
" أنشأ جنات " من الكروم " معروشات " مسموكات " وغير معروشات " متروكات على وجه الأرض لم تعرش . وقيل : المعروشات ما في الأرياف والعمران مما غرسه الناس واهتموا به فعرشوه " وغير معروشات " مما أنبته الله وحشيا في البراري والجبال فهو غير معروش . يقال : عرشت الكرم إذا جعلت له دعائم وسمكا تعطف عليه القضبان