أن رسول الله A وصف القياممة يوما لأصحابه فبالغ وأشبع الكلام في الإنذار فرقوا واجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون واتفقوا على أن لا يزالوا صائمين قائمين وأن لا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك ولا يقربوا النساء والطيب ويرفضوا الدنيا ويلبسوا المسوح ويسيحوا في الأرض ويجبوا مذاكيرهم فبلغ ذلك رسول الله A فقال لهم : " إني لم أومر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " ونزلت . وروي : أن رسول الله A كان يأكل الدجاج والفالوذ وكان يعجبه الحلواء والعسل . وقال : " إن المؤمن حلو يحب الحلاوة " وعن ابن مسعود أن رجلا قال له : إني حرمت الفراش فتلا هذه الآية وقال : نم على فراشك وكفر عن يمينك . وعن الحسن أنه دعي إلى طعام ومعه فرقد السنجي وأصحابه فقعدوا على المائدة وعليها الألوان من الدجاج المسمن والفالوذ وغير ذلك فاعتزل فرقد ناحية فسأل الحسن : أهو صائم ؟ قالوا : لا ولكنه يكره هذه الألوان . فأقبل الحسن عليه وقال : يا فريقد أترى لعاب النحل بلباب البر بخالص السمن يعيبه مسلم . وعنه أنه قيل له : فلان لا يأكل الفالوذ ويقول : لا أؤدي شكره . قال : أفيشرب الماء البارد ؟ قالوا : نعم . قال : إنه جاهل إن نعمة الله عليه في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذ . وعنه : إن الله تعالى أدب عباده فأحسن أدبهم . قال الله تعالى : " لينفق ذو سعة من سعته " الطلاق : 7 ، ما عاب الله قوما وسع عليهم الدنيا فتنعموا وأطاعوا ولا عذر زواها عنهم فعصوه " ولا تعتدوا " ولا تتتعدوا حدود ما أحل الله لكم إلى ما حرم عليكم . أو ولا تسرفوا في تناول الطيبات . أو جعل تحريم الطيبات اعتداء وظلما فنهى عن الاعتداء ليدخل تحته النهي عن تحريمها دخولا أوليا . لوروده على عقبه أو أراد ولا تعتدوا بذلك " وكلوا مما رزقكم الله " أي من الوجوه الطيبة التي تسمى رزقا " حلالا " حال مما رزقكم الله " واتقوا الله " تأكيد للتوصية بما أمر به . وزاده تأكيدا بقوله : " الذي أنتم به مؤمنون " لأن الإيمان به يوجب التقوى في الانتهاء إلى ما أمر به وعما نهى عنه .
" لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون " اللغو في اليمين : الساقط الذي لا يتعلق به حكم واختلف فيه فعن عائشة Bها أنها سئلت عنه فقالت : هو قول الرجل لا والله بلى والله وهو مذهب الشافعي . وعن مجاهد : هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك وليس كما ظن . وهو مذهب أبي حنيفة C " بما عقدتم الأيمان " بتعقيدكم الأيمان وهو توثيقها بالقصد والنية . وروي أن الحسن Bه سئل عن لغو اليمين وكان عنده الفرزدق فقال : يا أبا سعيد دعني أجب عنك فقال : .
ولست بمأخوذ بلغو تقوله ... إذا لم تعمد عاقدات العزائم