" واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغرب فأواري سوءة أخي فاصبح من النادمين من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون " هما ابنا آدم لصلبه قابيل وهابيل أوحى الله إلى آدم أن يزوج كل واحد منهما توأمة الآخر وكانت توأمة قابيل أجمل واسمها إقليما فحسد عليها أخاه وسخط . فقال لهما آدم : قربا قربانا فمن أيكما تقبل زوجها فقبل قربان هابيل بأن نزلت نار فأكلته ؛ فازداد قابيل حسدا وسخطا وتوعده بالقتل . وقيل : هما رجلان من بني إسرائيل " بالحق " تلاوة متلبسة بالحق والصحة . أو اتله نبأ متلبسا بالصدق موافقا لما في كتب الأولين . أو بالغرض الصحيح وهو تقبيح الحسد ؛ لأن المشركين وأهل الكتاب كلهم كانوا يحسدون رسول الله A ويبغون عليه . أو اتل عليهم وأنت محق صادق . و " إذ قربا " نصب بالنبأ أي قصتهم وحديثهم في ذلك الوقت ويجوز أن يكون بدلا من النبأ أي اتل عليهم النبأ نبأ ذلك الوقت على تقدير حذف المضاف . والقربان : اسم ما يتقرب به إلى الله من نسيكة أو صدقة كما أن الحلوان اسم ما يحلى أي يعطى . يقال : قرب صدقة وتقرب بها لأن تقرب مطاوع قرب قال الأصمعي : تقربوا قرف القمع فيعدى بالباء حتى يكون بمعنى قرب . فإن قلت : كيف كان قوله : " إنما يتقبل الله من المتقين " جوابا لقوله : " لأقتلنك " ؟ قلت : لما كان الحسد لأخيه على تقبل قربانه هو الذي حمله على توعده بالقتل قال له : إنما أتيت من قبل نفسك لانسلاخها من لباس التقوى لا من قبلي فلم تقتلني ؟ وما لك لا تعاتب نفسك ولا تحملها على تقوى الله التي هي السبب في القبول ؟ فأجابه بكلام حكيم مختصر جامع لمعان . وفيه دليل على أن الله تعالى لا يقبل طاعة إلا من مؤمن متق فما أنعاه على أكثر العاملين أعمالهم . وعن عامر بن عبد الله أنه بكى حين حضرته الوفاة فقيل له : ما يبكيك فقد كنت وكنت ؟ قال إني أسمع الله يقول : " إنما يتقبل الله من المتقين " . " ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك " قيل : كان أقوى من القاتل وأبطش منه ولكنه تحرج عن قتل أخيه واستسلم له خوفا من الله ؛ لأن الدفع لم يكن مباحا في ذلك الوقت . قاله مجاهد وغيره " إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك " أن تحتمل إثم قتلي لك لو قتلتك وإثم قتلك لي . فإن قلت : كيف يحمل إثم قتله له ولا تزر وازرة وزر أخرى ؟ قلت : المراد بمثل إثمي على الاتساع في الكلام كما تقول : قرأت قراءة فلان وكتبت كتابته تريد المثل وهو اتساع فاش مستفيض لا يكاد يستعمل غيره . ونحوه قوله E :