" لا خير في كثير من نجواهم " من تناجي الناس " إلا من أمر بصدقة " إلا نجوى من أمر على أنه مجرور بدل من كثير كما تقول : لا خير في قيامهم غلا قيام زيد . ويجوز أن يكون منصوبا على الانقطاع بمعنى : ولكن من أمر بصدقة ففي نجواه الخير . وقيل : المعروف القرض . وقيل : إغاثة الملهوف . وقيل : هو عام في كل جميل .
ويجوز أن يراد بالصدقة الواجب وبالمعروف ما يتصدق به على سبيل التطوع . وعن النبي A : " كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله " وسمع سفيان رجلا يقول : ما أشد هذا الحديث . فقال : ألم تسمع الله يقول : " لا خير في كثير من نجواهم " فهو هذا بعينه أو ما سمعت يقول " والعصر إن الإنسان لفي خسر " العصر : 1 - 2 ، فهذا هو بعينه . وشرط في استيجاب الأجر العظيم أن ينوي فاعل الخير عبادة الله والتقرب به إليه وأن يبتغي به وجهه خالصا . لأن الأعمال بالنيات . فإن قلت : كيف قال : " إلا من أمر " ثم قال : " ومن يفعل ذلك " ؟ قلت : قد ذكر الأمر بالخير ليدل به على فاعله لأنه إذا دخل الآمر به في زمرة الخيرين كان الفاعل فيهم أدخل . ثم قال : " ومن يفعل ذلك " فذكر الفاعل وقرن به الوعد بالأجر العظيم ويجوز أن يراد : ومن يأمر بذلك فعبر عن الأمر بالفعل كما يعبر به عن سائر الأفعال وقرئ : يؤتيه بالياء .
" ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا " " ويتبع غير سبيل المؤمنين " وهو السبيل الذي هم عليه من الدين الحنيفي القيم وهو دليل على أن الإجماع حجة لا تجوز مخالفتها كما لا تجوز مخالفة الكتاب والسنة لأن الله عز وعلا جمع بين اتباع سبيل غير المؤمنين وبين مشاقة الرسول في الشرط وجعل جزاءه الوعيد الشديد فكان اتباعهم واجبا كموالاة الرسول E . قوله : " نوله ما تولى " نجعله واليا لما تولى من الضلال بأن نخذله ونخلي بينه وبين ما اختاره " ونصله جهنم " وقرئ : ونصله بفتح النون من صلاه . وقيل : هي في طعمة وارتداده وخروجه إلى مكة " إن الله لا يغفر أن يشرك به " تكرير للتأكيد وقيل : كرر لقصة طعمة وروي : أنه مات مشركا . وقيل :