" ولا تهنوا " ولا تضعفوا ولا تتوانوا " في ابتغاء القوم " في طلب الكفار بالقتال والتعرض به لهم ثم ألزمهم الحجة بقوله : " إن تكونوا تألمون " أي ليس ما تكابدون من الألم بالجرح والقتل مختصا بكم إنما هو أمر مشترك بينكم وبينهم يصيبهم كما يصيبكم ثم إنهم يصبرون عليه وتيشجعون . فما لكم لا تصبرون مثل صبرهم مع أنكم أولى منهم بالصبر لأنكم " ترجون من الله ما لا يرجون " من إظهار دينكم على سائر الأديان ومن الثواب العظيم في الآخرة . وقرأ الأعرج : أن تكونوا تألمون بفتح الهمزة بمعنى : ولا تهنوا لأن تكونوا تألمون . وقوله : " فإنهم يألمون كما تألمون " تعليل . وقرئ : فإنهم يييلمون كما تيلمون . وروي أن هذا في بدر الصغرى كان بهم جراح فتواكلوا " وكان الله عليما حكيما " لا يكلفكم شيئا ولا يأمركم ولا ينهاكم إلا لما هو عالم به مما يصلحكم .
" إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما " روي : أن طعمة بن أبيرق أحد بني ظفر سرق درعا من جار له اسمه قتادة بن النعمان في جراب دقيق فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه وخبأها عند زيد بن السمين رجل من اليهود فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد وحلف ما أخذها وما له بها علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى إلى منزل اليهودي فأخذوها فقال : دفعها إلي طعمة وشهد له ناس من اليهود . فقالت بنو ظفر : انطلقوا بنا إلى رسول الله A فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا : إن لم تفعل هلك وافتضح وبرئ اليهودي فهم رسول الله A أن يفعل وأن يعاقب اليهودي . وقيل : هم أن يقطع يده فنزلت . وروي أن طعمة هرب إلى مكة وارتد ونقب حائطا بمكة ليسرق أهله فسقط الحائط عليه فقتله . " بما اراك الله " بما عرفك وأوحى به إليك . وعن عمر Bه : لا يقولن أحدكم قضيت بما أراني الله فإن الله لم يجعل ذلك إلا لنبيه A ولكن ليجتهد رأيه لأن الرأي من رسول الله A كان مصيبا لأن الله كان يريه إياه وهو منا الظن والتكلف " ولا تكن للخائنين خصيما " ولا تكن لأجل الخائنين مخاصما للبراء . يعني لا تخاصم اليهود لأجل بني ظفر " واستغفر الله " مما هممت به من عقاب اليهودي .
" ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما تعملون محيطا ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "