" وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا أليما " " وما كان لمؤمن " وما صح له ولا استقام ولا لاق بحاله كقوله : " وما كان لنبي أن يغل " آل عمران : 161 ، " وما يكون لنا أن نعود فيها " الأعراف : 89 ، " أن يقتل مؤمنا " ابتداء غير قصاص " إلا خطئا " إلا على وجه الخطأ . فإن قلت : بم انتصب خطأ ؟ قلت : بأنه مفعول له أي ما ينبغي له أن يقتله لعلة من العلل إلا للخطأ وحده . ويجوز أن يكون حالا بمعنى لا يقتله في حال من الأحوال إلا في حال الخطأ . وأن يكون صفة للمصدر إلا قتلا خطأ . والمعنى أن من شأن المؤمن أن ينتفي عنه وجود قتل المؤمن ابتداء البتة إلا إذا وجد منه خطأ من غير قصد بأن يرمي كافرا فيصيب مسلما أو يرمي شخصا على أنه كافر فإذا هو مسلم . وقرى : خطاء - بالمد - وخطأ بوزن عمى - بتخفيف الهمزة - وروي : أن عياش بن أبي ربيعة - وكان أخا أبي جهل لأمه - أسلم وهاجر خوفا من قومه إلى المدينة وذلك قبل هجرة رسول الله A فأقسمت أمه لا تأكل ولا تشرب ولا يؤويها سقف حتى يرجع . فخرج أبو جهل ومعه الحرث بن زيد بن أبي أنيسة فأتياه وهو في أطم ففتل منه أبو جهل في الذروة والغارب وقال : أليس محمد يحثك على صلة الرحم انصرف وبر أمك وأنت على دينك حتى نزل وذهب معهما فلما فسحا عن المدينة كتفاه وجلده كل واحد مائة جلدة . فقال للحارث : هذا أخي فمن أنت يا حارث ؟ لله علي إن وجدتك خاليا أن أقتلك وقدما به على أمه فحلفت لا يحل كتافه أو يرتد . ففعل ثم هاجر بعد ذلك وأسلم وأسلم الحارث وهاجر فلقيه عياش بظهر قباء - ولم يشعر بإسلامه - فأنحى عليه فقتله ثم أخبر بإسلامه فأتى رسول الله A فقال : قتلته ولم أشعر بإسلامه فنزلت " فتحرير رقبة " فعليه تحرير رقبة . والتحرير : الإعتاق . والحر والعتيق : الكريم لأن الكرم في الأحرار كما أن اللؤم في العبيد . ومنه : عتاق الخيل وعتاق الطير لكرامها . وحر الوجه : أكرم موضع منه . وقولهم للئيم : عبد . وفلان عبد الفعل : أي لئيم الفعل . والرقبة : عبارة عن النسمة كما عبر عنها بالرأس في قولهم : فلان يملك كذا رأسا من الرقيق . والمراد برقبة مؤمنة : كل رقبة كانت على حكم الإسلام عند عامة العلماء . وعن الحسن : لا تجزئ إلا رقبة قد صلت وصامت ولا تجزئ الصغيرة . وقاس عليها الشفاعي كفارة الظهار فاشترط الإيمان . وقيل : لما أخرج نفسا مؤمنة عن جملة الأحياء لزمه أن يدخل نفسا مثلها في جملة الأحرار لأن إطلاقها من قيد الرق كإحيائها من قبل أن الرقيق ممنوع من تصرف الأحرار " مسلمة إلى أهله " مؤادة إلى ورثته يقتسمونها كما يقتسمون الميراث لا فرق بينها وبين سائر التركة في كل شيء يقضى منها الدين وتنفذ الوصية وإن لم يبق وارث فهي لبيت المال لأن المسلمين يقومون مقام الورثة كما قال رسول الله A : " أنا وارث من لا وارث له " .
وعن عمر Bه : أنه قضى بدية المقتول فجاءت امرأته تطلب ميراثها من عقله فقال : لا أعلم لك شيئا إنما الدية للعصبة الذين يعقلون عنه . فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال : كتب إلي رسول الله A يأمرني أن أورث امرأة أشيم الضبابي من عقل زوجها أشيم . فورثها عمر وعن ابن مسعود : يرث كل وارث من الدية غير القاتل . وعن شريك : لا يقضى من الدية دين ولا تنفذ وصية . وعن ربيعة : الغرة لأم الجنين وحدها وذلك خلاف قول الجماعة . فإن قلت : على من تجب الرقبة والدية ؟ قلت : على القاتل إلا أن الرقبة في ماله والدية تتحملها عنه العاقلة فإن لم تكن له عاقلة فهي في بيت المال فإن لم يكن ففي ماله " إلا أن يصدقوا " إلا أن يتصدقوا عليه بالدية ومعناه العفو كقوله : " إلا أن يعفون " البقرة : 237 ، ونحوه " وأن تصدقوا خير لكم " البقرة : 280 ، وعن النبي A :