أنه تيمم لرد السلام . قالوا : ويسلم الرجل إذا دخل على امرأته . ولا يسلم على أجنبية . ويسلم الماشي على القاعد . والراكب على الماشي وراكب الفرس على راكب الحمار والصغير على الكبير والأقل على الأكثر . وإذا التقيا ابتدرا . وعن أبي حنيفة : لا تجهر بالرد يعني الجهر الكثير . وعن النبي A : " إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم " أي وعليكم ما قلتم ؛ لأنهم كانوا يقولون : السام عليكم .
وروي : " لا تبتدئ اليهودي بالسلام وإن بدأك فقل وعليك " . وعن الحسن : يجوز أن تقول للكافر : وعليك السلام ولا تقل : ورحمة الله فإنها استغفار . وعن الشعبي أنه قال لنصراني سلم عليه : وعليك السلام ورحمة الله . فقيل له في ذلك فقال : أليس في رحمة الله يعيش ؟ وقد رخص بعض العلماء في أن يبدأ أهل الذمة بالسلام إذا دعت إلى ذلك حادثة تحوج إليهم . وروى ذلك عن النخعي . وعن أبي حنيفة : لا تبدأه بسلام في كتاب ولا غيره . وعن أبي يوسف لا تسلم عليهم ولا تصحافهم وإذا دخلت فقل : السلام على من اتبع الهدى . ولابأس بالدعاء له بما يصلحه في دنياه " على كل شيء حسيبا " أي يحاسبكم على كل شيء من التحية وغيرها .
" الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا " " لا إله إلا هو " إما خبر المبتدأ . وإما اعتراض والخبر " ليجمعنكم " . ومعناه : الله . والله ليجمعنكم " إلى يوم القيامة " أي ليحشرنكم إليه . والقيامة والقيام . كالطلابة والطلاب وهي قيامهم من القبور أو قيامهم للحساب . قال الله تعالى : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " المطففين : 6 ، " ومن أصدق من الله حديثا " لأنه عز وعلا صادق لا يجوز عليه الكذب . وذلك أن الكذب مستقل بصارف عن الإقدام عليه وهو قبحه . ووجه قبحه الذي هو كونه كذبا وإخبارا عن الشيء بخلاف ما هو عليه . فمن كذب لم يكذب إلا لأنه محتاج إلى أن يكذب ليجر منفعة أو يدفع مضرة . أو هو غني عنه إلا أنه يجهل غناه . أو هو جاهل بقبحه . أو هو سفيه لا يفرق بين الصدق والكذب في إخباره ولا يبالي بأيهما نطق وربما كان الكذب أحلى على حنكه من الصدق . وعن بعض السفهاء أنه عوتب على الكذب فقال : لو غرغرت لهواتك به ما فارقته . وقيل لكذاب : هل صدقت قط ؟ فقال : لولا أني صادق في قولي لا لقلتها . فكان الحكيم الغني الذي لا يجوز عليه الحاجات العالم بكل معلوم منزها عنه كما هو منزه عن سائر القبائح .
" فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا " " فئتين " نصب على الحال كقولك : ما لك قائما ؟ روي أن قوما من المنافقين استأذنوا رسول الله A في الخروج إلى البدو معتلين باجتواء المدينة فلما خرجوا لم يزالوا راحلين مرحلة مرحلة حتى لحقوا بالمشركين فاختلف المسلمون فيهم فقال بعضهم : هم كفار . وقال بعضهم : هم مسلمون . وقيل : كانوا قوما هاجروا من مكة ثم بدا لهم فرجعوا وكتبوا إلى رسول الله A : إنا على دينك وما أخرجنا إلا اجتواء المدينة والاشتياق إلى بلدنا . وقيل : هم قوم خرجوا مع رسول الله A يوم أحد ثم رجعوا . وقيل : هم العرنيون الذين أغاروا على السرح وقتلوا يسارا . وقيل : هم قوم أظهروا الإسلام وقعدوا عن الهجرة . ومعناه : ما لكم اختلفتم في شأن قوم نافقوا نفاقا ظاهرا وتفرقتم فيه فرقتين وما لكم لم تبتوا القول بكفرهم " والله أركسهم " أي ردهم في حكم المشركين كما كانوا " بما كسبوا " من ارتدادهم ولحوقهم بالمشركين واحتيالهم على رسول الله A . أو أركسهم في الكفر بأن خذلهم حتى أركسوا فيه . لما علم من مرض قلوبهم " أتريدون أن تهدوا " أن تجعلوا من جملة المهتدين " من أضل الله " من جعله من جملة الضلال وحكم عليه بذلك أو خذله حتى ضل . وقرئ : ركسهم . وركسوا فيها