" ظليلا " صفة مشتقة من لفظ الظل لتأكيد معناه . كما يقال : ليل أليل . ويوم أيوم وما أشبه ذلك . وهو ما كان فينانا لا جوب فيه ودائما لا تنسخه الشمس وسجسجا لا حر فيه ولا برد وليس ذلك إلا ظل الجنة . رزقنا الله بتوفيقه لما يزلف إليه التفيؤ تحت ذلك الظل . وفي قراءة عبد الله : سيدخلهم بالياء " أن تؤدوا الأمانات " الخطاب عام لكل أحد في كل أمانة . وقيل : نزلت في عثمان بن طلحة بن عبد الدار وكان سادن الكعبة . وذلك : أن رسول الله A حين دخل مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب الكعبة وصعد السطح وأبى أن يدفع المفتاح إليه وقال : لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي بن أبي طالب Bه يده . وأخذه منه وفتح ودخل رسول الله A وصلى ركعتين . فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة . فنزلت فأمر عليا أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان لعلي : أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق ؟ فقال : لقد أنزل الله في شأنك قرآنا وقرأ عليه الآية فقال عثمان : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فهبط جبريل وأخبر رسول الله A أن السدانة في أولاد عثمان أبدا . وقيل : هو خطاب للولاة بأداء الأمانات والحكم بالعدل . وقرئ : الأمانة على التوحيد " نعما يعظكم به " ما إما أن تكون منصوبة موصوفة بيعظكم به وإما أن تكون مرفوعة موصولة به كأنه قيل : نعم شيئا يعظكم به . أو نعم الشيء الذي يعظكم به . والمخصوص بالمدح محذوف أي نعما يعظكم به ذاك وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكم . وقرئ نعما بفتح النون .
" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا " لما أمر الولاة بأداء الأمانات إلى أهلها وأن يحكموا بالعدل أمر الناس بأن يطيعوهم وينزلوا على قضاياهم . والمراد بأولي الأمر منكم : أمراء الحق ؛ لأن - أمراء الجور - الله ورسوله بريئان منهم فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطاعة لهم وإنما يجمع بين الله ورسوله والأمراء الموافقين لهما في إيثار العدل واختيار الحق والأمر بهما والنهي عن أضدادهما كالخلفاء الراشدين ومن تبعهم بإحسان . وكان الخلفاء يقولون : أطيعوني ما عدلت فيكم فإن خالفت فلا طاعة لي عليكم . وعن أبي حازم أن مسلمة بن عبد الملك قال له : ألستم أمرتم بطاعتنا في قوله : " وأولي الأمر منكم " قال : أليس قد نزعت عنكم إذا خالفتم الحق بقوله : " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول " وقيل : هم أمراء السرايا وعن النبي A : " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع أميري فقد أطاعني ومن يعص أميري فقد عصاني " وقيل : هم العلماء الدينون الذين يعلمون الناس الدين ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر . " فإن تنازعتم في شيء " فإن اختلفتم أنتم وأولوا الأمر منكم في شيء من أمور الدين فردوه إلى الله ورسوله أي : ارجعوا فيه إلى الكتاب والسنة . وكيف تلزم طاعة أمراء الجور وقد جنح الله الأمر بطاعة أولي الأمر بما لا يبقى معه شك وهو أن أمرهم أولا بأداء الأمانات وبالعدل في الحكم وأمرهم آخرا بالرجوع إلى الكتاب والسنة فيما أشكل وأمراء الجور لا يؤدون أمانة ولا يحكمون بعدل ولا يردون شيئا إلى كتاب ولا إلى سنة إنما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم فهم منسلخون عن صفات الذين هم أولو الأمر عند الله ورسوله وأحق أسمائهم : اللصوص المتغلبة " ذلك " إشارة إلى الرد إلى الكتاب والسنة " خيرا " لكم وأصلح " وأحسن تأويلا " وأحسن عاقبة . وقيل : أحسن تأويلا من تأويلكم أنتم .
" ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا " روي :