أن أبا مسعود الأنصاري رفع سوطه ليضرب غلاما له فبصر به رسول الله A فصاح به : " أبا مسعود لله أقدر عليك منك عليه " فرمى بالسوط وأعتق الغلام . أو إن الله كان عليا كبيرا وإنكم تعصونه على علو شأنه وكبرياء سلطانه ثم تتوبون فيتوب عليكم فأنتم أحق بالعفو عمن يجني عليكم إذا رجع .
" وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا " " شقاق بينهما " أصله : شقاقا بينهما فأضيف الشقاق إلى الظرف على طريق الإتساع كقوله : " بل مكر الليل والنهار " سبأ : 33 ، وأصله : بل مكر في الليل والنهار . أو على أن جعل البين مشاقا والليل والنهار ماكرين على قولهم : نهارك صائم . والضمير للزوجين . ولم يجر ذكرهما لجري ذكر ما يدل عليهما وهو الرجال والنساء " حكما من أهله " رجلا مقنعا رضيا يصلح لحكومة العدل والإصلاح بينهما وإنما كان بعث الحكمين من أهلهما لأن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطلب للصلاح وإنما تسكن إليهم نفوس الزوجين ويبرز إليهم ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإرادة الصحبة والفرقة وموجبات ذلك ومقتضياته وما يزويانه عن الأجانب ولا يحبان أن يطلعوا فقيل : ليس إليهما ذلك إلا بإذن الزوجين . وقيل : ذلك إليهما وما جعلا حكمين إلا وإليهما بناء الأمر على ما يقتضيه اجتهادهما . وعن عبيدة السلماني : شهدت عليا Bه وقد جاءته امرأة وزوجها ومع كل واحد منهما فئام من الناس فأخرج هؤلاء حكما وهؤلاء حكما . فقال علي Bه للحكمين : أتدريان ما عليكما ؟ إن عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتما وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما . فقال الزوج : أما الفرقة فلا . فقال علي : كذب والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك . فقالت المرأة : رضيت بكتاب الله لي وعلي . وعن الحسن : يجمعان ولا يفرقان . وعن الشعبي : ما قضى الحكمان جاز . والألف في " وإن يريدا إصلاحا " للحكمين . وفي " يوفق الله بينهما " للزوجين أي إن قصدا إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة وقلوبهما ناصحة لوجه الله بورك في وساطتهما وأوقع الله بطيب نفسهما وحسن سعيهما بين الزوجين الوفاق والألفة وألقى في نفوسهما المودة والرحمة . وقيل : الضميران للحكمين أي إن قصدا إصلاح ذات البين والنصيحة للزوجين يوفق الله بينهما فيتفقان على الكلمة الواحدة ويتساندان في طلب الوفاق حتى يحصل الغرض ويتم المراد . وقيل : الضميران للزوجين . أي : إن يريدا إصلاح ما بينهما وطلبا الخير وأن يزول عنهما الشقاق يطرح الله بينهما الألفة وأبدلهما بالشقاق وفاقا وبالبغضاء مودة . " إن الله كان عليما خبيرا " يعلم كيف يوفق بين المختلفين ويجمع بين المفترقين " لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " الأنفال : 63 .
" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا " " وبالوالدين إحسانا " وأحسنوا بهما إحسانا " وبذي القربى " وبكل من بينكم وبينه قربى من أخ أو عم أو غيرهما " والجار ذي القربى " الذي قرب جواره " والجار الجنب " الذي جواره بعيد . وقيل الجار : القريب النسيب والجار الجنب : الأجنبي . وأنشد لبلعاء بن قيس : .
لا يجتوينا مجاور أبدا ... ذو رحم أو مجاور جنب .
وقرئ : والجار ذا القربى نصبا على الاختصاص . كما قرئ " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " البقرة : 238 ، تنبيها على عظم حقه لإدلائه بحق الجوار والقربى " والصاحب بالجنب " هو الذي صحبك بأن حصل بجنبك إما رفيقا في سفر وإما جارا ملاصقا وإما شريكا في تعلم علم أو حرفة . وإما قاعدا إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه . فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه وتجعله ذريعة إلى الإحسان . وقيل : الصاحب بالجنب : المرأة " وابن السبيل " المسافر المنقطع به وقيل الضيف والمختال : التياه الجهول الذي يتكبر عن إكرام أقاربه وأصحابه ومماليكه فلا يتحفى بهم ولا يلتفت إليهم . وقرئ : والجار الجنب بفتح الجيم وسكون النون