وقد روي عن النبي A في رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها أنه قال : " لابأس أن يتزوج ابنتها ولا يحل له أن يتزوج أمها " وعن عمر وعمران بن الحصين Bهما : أن الأم تحرم بنفس العقد وعن مسروق : هي مرسلة فأرسلوا ما أرسل الله . وعن ابن عباس : أبهموا ما أبهم الله إلا ما روي عن علي وابن عباس وزيد وابن عمر وابن الزبير : أنهم قرءوا : وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن . وكان ابن عباس يقول : والله ما نزل إلا هكذا . وعن جابر روايتان . وعن سعيد بن المسيب عن زيد : إذا ماتت عنده فأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها . وإذا طلقها قبل أن يدخل بها فإن شاء فعل أقام الموت مقام الدخول في ذلك كما قام مقامه في باب المهر . وسمى ولد المرأة من غير زوجها ربيبا وربيبة لأنه يربهما كما يرب ولده في غالب الأمر ثم اتسع فيه فسميا بذلك وإن لم يربهما . فإن قلت : ما فائدة قوله في حجوركم ؟ قلت : فائدته التعليل للتحريم وأنهن لاحتضانكم لهن أو لكونهن بصدد احتضانكم وفي حكم التقلب في حجوركم إذا دخلتم بأمهاتهن وتمكن بدخلولكم حكم الزواج وثبتت الخلطة والألفة وجعل الله بينكم المودة والرحمة وكانت الحال خليقة بأن تجروا أولادهن مجرى أولادكم كأنكم في العقد على بناتهن عاقدون على بناتكم . وعن علي Bه أنه شرط ذلك في التحريم . وبه أخذ داود . فإن قلت : ما معنى " دخلتم بهن " ؟ قلت : هي كناية عن الجماع كقولهم : بنى عليها وضرب عليها الحجاب يعني أدخلتموهن الستر . والباء للتعدية واللمس . ونحوه ؛ يقوم مقام الدخول عند أبي حنيفة . وعن عمر Bه أنه خلا بجارية فجردها فاستوهبها ابن له فقال : إنها لاتحل لك . وعن مسروق أنه أمر أن تباع جاريته بعد موته وقال : أما إني لم أصب منها إلا ما يحرمها على ولدي من اللمس والنظر . وعن الحسن في الرجل يملك الأمة فيغمزها لشهوة أو يقبلها أو يكشفها : أنها لا تحل لولده بحال وعن عطاء وحماد بن أبي سليمان : إذا نظر إلى فرج امرأة فلا ينكح أمها ولا ابنتها . وعن الأوزاعي : إذا دخل بالأم فعراها ولمسها بيده وأغلق الباب وأرخى الستر فلا يحل له نكاح ابنتها . وعن ابن عباس وطاوس وعمرو بن دينار : أن التحريم لا يقع إلا بالجماع وحده " الذين من أصلابكم " دون من تبنيتم .
وقد تزوج رسول الله A زينب بنت جحش الأسدية بنت عمته أميمة بنت عبد الملب حين فارقها زيد بن حارثة وقال D : " لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم " الأحزاب : 37 . " وأن تجمعوا " في موضع الرفع عطف على المحرمات أي وحرم عليكم الجمع بين الأختين . والمراد حرمة النكاح لأن التحريم في الآية تحريم النكاح وأما الجمع بينهما في ملك اليمين فعن عثمان وعلي Bهما أنهما قالا : أحلتهما آية وحرمتهما آية يعنيان هذه الآية وقوله : " أو ما ملكت أيمانكم " النساء : 3 ، فرجح علي التحريم وعثمان التحليل . " إلا ما قد سلف " ولكن ما مضى مغفور بدليل قوله : " إن الله كان غفورا رحيما " .
" والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما " " والمحصنات " القراءة بفتح الصاد . وعن طلحة بن مصرف أنه قرأ بكسر الصاد . وهن ذوات الأزواج . لأنهن أحصن فروجهن بالتزويج . فهن محصنات ومحصنات " إلا ما ملكت أيمانكم " يريد : ما ملكت أيمانهم من اللاتي سبين ولهن أزواج في دار الكفر فهن حلال لغزاة المسلمين وإن كن محصنات . وفي معناه قول الفرزدق : .
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلال لمن يبني بها لم تطلق