" أنه يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة والدخان يخرج من قبره ومن فيه وأنفه وأذنيه وعينيه فيعرف الناس أنه كان يأكل مال اليتيم في الدنيا " . وقرئ وسيصلون بضم الياء وتخفيف اللام وتشديدها " سعيرا " نارا من النيران مبهمة الوصف .
" يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما " .
" يوصيكم الله " يعهد إليكم ويأمركم " في أولادكم " في شأن ميراثهم بما هو العدل والمصلحة . وهذا إجمال تفصيله " للذكر مثل حظ الأنثيين " فإن قلت : هلا قيل : للأنثيين مثل حظ الذكر أو للأنثى نصف حظ الذكر ؛ قلت ليبدأ ببيان حظ الذكر لفضله كما ضوعف حظه لذلك ولأن قوله : " للذكر مثل حظ الأنثيين " قصد إلى بيان فضل الذكر . وقولك : للأنثيين مثل حظ الذكر قصد إلى بيان نقص الأنثى وما كان قصدا إلى بيان فضله كان أدل على فضله من القصد إلى بيان نقص غيره عنه : ولأنهم كانوا يورثون الذكور دون الإناث وهو السبب لورود الآية فقيل : كفى الذكور أن ضوعف لهم نصيب الإناث فلا يتمادى في حظهن حتى يحرمن مع إدلائهن من القرابة بمثل ما يدلون به . فإن قلت : فإن حظ الأنثيين الثلثان فكأنه قيل للذكر الثلثان . قلت : أريد حال الاجتماع لا الانفراد أي إذا اجتمع الذكر والأنثيان كان له سهمان كما أن لهما سهمين . وأما في حال الانفراد فالابن يأخذ المال كله والبنتان يأخذان الثلثين . والدليل على أن الغرض حكم الاجتماع أنه أتبعه حكم الانفراد وهو قوله : " فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك " والمعنى للذكر منهم أي من أولادكم فحذف الراجع إليه لأنه مفهوم كقولهم : السمن منوان بدرهم " فإن كن نساء " فإن كانت البنات أو المولودات نساء خلصا . ليس معهن رجل يعني بنات ليس معهن ابن " فوق اثنتين " يجوز أن يكون خبرا ثانيا لكان وأن يكون صفة لنساء أي نساء زائدات على اثنتين " وإن كانت واحدة " وإن كانت البنت أو المولودة منفردة فذة ليس معها أخرى " فلها النصف " وقرئ : واحدة بالرفع على كان التامة والقراءة بالنصب أوفق لقوله : " فإن كن نساء " وقرأ زيد بن ثابت النصف بالضم . والضمير في " ترك " للميت : لأن الآية لما كانت في الميراث علم أن التارك هو الميت . فإن قلت : قوله : " للذكر مثل حظ الأنثيين " كلام مسوق لبيان حظ الذكر من الأولاد لا لبيان حظ الأنثيين فكيف صح أن يردف قوله : " فإن كن نساء " وهو لبيان حظ الإناث ؟ قلت : وإن كان مسوقا لبيان حظ الذكر إلا أنه لما فقه منه وتبين حظ الأنثيين مع أخيهما ؛ كان كأنه مسوق للأمرين جميعا . فلذلك صح أن يقال : " فإن كن نساء " : فإن قلت . هل يصح أن يكون الضميران في كن و كانت مبهمين ويكون نساء و واحدة تفسيرا لهما على أن كان تامة ؟ قلت : لا أبعد ذلك . فإن قلت : لم قيل " فإن كن نساء " ولم يقل : وإن كانت امرأة ؟ قلت : لأن الغرض ثمة خلوصهن إناثا لا ذكر فيهن ليميز بين ما ذكر من اجتماعهن مع الذكور في قوله : " للذكر مثل حظ الأنثيين " وبين انفرادهن