" آل إبراهيم " إسماعيل وإسحاق وأولادهما . " وآل عمران " موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر . وقيل عيسى ومريم بنت عمران بن ماثان وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة . و " ذرية " بدل من آل إبراهيم وآل عمران " بعضها من بعض " يعني أن الآلين ذرية واحدة متسلسلة بعضها متشعب من بعض : موسى وهارون من عمران وعمران من يصهر ويصهر من فاهث وفاهث من لاوى ولاوى من يعقوب ويعقوب من إسحاق . وكذلك عيسى ابن مريم بنت عمران بن ماثان بن سليمان بن داود بن إيشا بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق . وقد دخل في آل إبراهيم رسول الله A . وقيل : بعضها من بعض في الدين كقوله تعالى : " المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض " التوبة : 67 ، " والله سميع عليم " يعلم من يصلح للاصطفاء أو يعلم أن بعضهم من بعض في الدين . أو سميع عليم لقول امرأة عمران ونيتها . و " إذ " منصوب به . وقيل : بإضمار اذكر . وامرأة عمران هي امرأة عمران بن ماثان أم مريم البتول . جدة عيسى عليه السلام وهي حنة بنت فاقوذ . وقوله : " إذ قالت امرأة عمران " على أثر قوله : " وآل عمران " مما يرجح أن عمران هو عمران بن ماثان جد عيسى والقول الآخر يرجحه أن موسى يقرن بإبراهيم كثيرا في الذكر . فإن قلت : كانت لعمران بن يصهر بنت اسمها مريم أكبر من موسى وهارون ولعمران بن ماثان مريم البتول فما أدراك أن عمران هذا هو أبو مريم البتول دون عمران أبي مريم التي هي أخت موسى وهارون ؟ قلت : كفى بكفالة زكريا دليلا على أنه عمران أبو البتول لأن زكريا بن آذن وعمران بن ماثان كانا في عصر واحد وقد تزوج زكريا بنته إيشاع أخت مريم فكان يحيى وعيسى ابني خالة . روي أنها كانت عاقرا لم تلد إلى أن عجزت فبينا هي في ظل شجرة بصرت بطائر يطعم فرخا له فتحركت نفسها للولد وتمنته فقالت : اللهم إن لك علي نذرا شكرا إن رزقتني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس فيكون من سدنته وخدمه فحملت بمريم وهلك عمران وهي حامل " محررا " معتقا لخدمة بيت المقدس لا يد لي عليه ولا أستخدمه ولا أشغله بشيء وكان هذا النوع من النذر مشروعا عندهم . وروي : أنهم كانوا ينذرون هذا النذر فإذا بلغ الغلام خير بين أن يفعل وبين أن لا يفعل . وعن الشعبي " محررا " : مخلصا للعبادة وما كان التحرير إلا للغلمان وإنما بنت الأمر على التقدير أو طلبت أن ترزق ذكرا " فلما وضعتها " الضمير ل ما في بطني وإنما أنث على المعنى لأن ما في بطنها كان أنثى في علم الله أو على تأويل الحبلة أو النفس أو النسمة . فإن قلت : كيف جاز انتصاب " أنثى " حالا من الضمير في وضعتها وهي كقولك وضعت الأنثى أنثى ؟ قلت : الأصل : وضعته أنثى وإنما أنثى لتأنيث الحال ؛ لأن الحال وذا الحال لشيء واحد كما أنث الاسم في " ما كانت أمك " لتأنيث الحال ؛ لأن الحال وذا الحال لشيء واحد كما أنث الاسم في " ما كانت أمك " لتأنيث الخبر ونظيره قوله تعالى : " فإن كانتا اثنتين " النساء : 176 ، وأما على تأويل الحبلة أو النسمة فهو ظاهر كأنه قيل : إني وضعت الحبلة أو النسمة أنثى . فإن قلت : فلم قالت : إني وضعتها أنثى وما أرادت إلى هذا القول ؟ قلت : قالته تحسرا على ما رأت من خيبة رجائها وعكس تقديرها . فتحزنت إلى ربها لأنها كانت ترجو وتقدر أن تلد ذكرا ولذلك نذرته محررا للسدانة . ولتكلمها بذلك على وجه التحسر والتحزن قال الله تعالى : " والله أعلم بما وضعت " تعظيما لموضوعها وتجهيلا لها بقدر ما وهب لها منه . ومعناه : والله أعلم بالشيء الذي وضعت وما علق به من عظائم الأمور وأن يجعله وولده آية للعالمين وهي جاهلة بذلك لا تعلم منه شيئا . فلذلك تحسرت . وفي قراءة ابن عباس والله أعلم بما وضعت على خطاب الله تعالى لها أي إنك لا تعلمين قدر هذا الموهوب وما علم الله من عظم شأنه وعلو قدره . وقرئ : وضعت . بمعنى : ولعل لله تعالى فيه سرا وحكمة ولعل هذه الأنثى خير من الذكر تسلية لنفسها . فإن قلت : فما معنى قوله : " وليس الذكر كالأنثى " ؟ قلت : هو بيان لما في قوله : " والله أعلم بما وضعت " من التعظيم للموضوع والرفع منه ومعناه : وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت لها واللام فيهما للعهد . فإن قلت : علام عطف قوله : " وإني سميتها مريم " ؟ قلت : هو عطف على إني وضعتها أنثى وما بينهما جملتان معترضتان كقوله تعالى : " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم "