المخاطبون كفرة مخصوصون قد علم الله منهم أنهم لا يؤمنون . روي أن رهطا من قريش قالوا : يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة فقال : " معاذ الله أن أشرك بالله غيره " فقالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك فنزلت ؛ فغدا إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم فقرأها عليهم . فأيسوا . لا أعبد أريدت به العبادة فيما يستقبل لأن لا لا تدخل إلا على مضارع في معنى الاستقبال كما أن ما لا تدخل إلا على مضارع في معنى الحال ألا ترى أن لن تأكيد فيما تنفيه لا . وقال الخليل في لن : إن أصله لا أن والمعنى : لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم ولا أنتم فاعلون فيه ما أطلب منكم من عبادة إلهي " ولا أنا عابد ما عبدتم " أي : وما كنت قط عابدا فيما سلف ما عبدتم فيه يعني : لم تعهد مني عبادة صنم في الجاهلية فكيف ترجى مني في الإسلام " ولا أنتم عابدون ما أعبد " أي : وما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته . فإن قلت : فهلا قيل : ما عبدت كما قيل : ما عبدتم ؟ قلت : لأنهم كانوا يعبدون الأصنام قبل المبعث وهو لم يكن يعبد الله تعالى في ذلك الوقت . فإن قلت : فلم جاء على ما دون من ؟ قلت : لأن المراد الصفة كأنه قال : لا أعبد الباطل ولا تعبدون الحق . وقيل : إن ما مصدرية أي : لا أعبد عبادتكم ولا تعبدون عبادتي " لكم دينكم ولي دين " لكم شرككم ولي توحيدي . والمعنى : أني نبي مبعوث إليكم لأدعوكم إلى الحق والنجاة فإذا لم تقبلوا مني ولم تتبعوني فدعوني كفافا ولا تدعوني إلى الشرك .
عن رسول الله A : " من قرأ سورة الكافرون فكأنما قرأ ربع القرآن وتباعدت منه مردة الشياطين وبرئ من الشرك ويعافى من الفزع الأكبر " .
سورة النصر .
نزلت بمنى في حجة الوداع .
فتعد مدنية وهي آخر ما نزل من السور .
وآياتها ثلاث .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان بوابا " إذا جاء منصوب بسبح وهو لما يستقبل . والأعلام بذلك قبل كونه من النبوة . روي أنها نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع . فإن قلت : ما الفرق بين النصر والفتح حتى عطف عليه ؟ قلت : النصر الإغاثة والإظهار على العدو . ومنه : نصر الله الأرض غاثها . والفتح حتى عطف عليه ؟ قلت : النصر الإغاثة والإظهار على العدو . ومنه : نصر الله الأرض غاثها . والفتح : فتح البلاد والمعنى نصر رسول الله A على العرب أو على قريش وفتح مكة وقيل : جنس نصر الله للمؤمنين وفتح بلاد الشرك عليهم . وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ومع رسول الله A عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب وأقام بها خمس عشرة ليلة ثم خرج إلى هوازن وحين دخلها وقف على باب الكعبة ثم قال : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده " ثم قال : " يا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم ؟ " قالوا : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم . قال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " فأعتقهم رسول الله A وقد كان الله تعالى أمكنه من رقابهم عنوة وكانوا له فيئا فلذلك سمى أهل مكة الطلقاء ثم بايعوه على الإسلام في دين الله في ملة الإسلام التي لا دين له يضاف إليه غيرها " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " آل عمران 85 . أفواجا جماعات كثيفة كانت تدخل في القبيلة بأسرها بعد ما كانوا يدخلون فيه واحدا واحدا واثنين اثنين . وعن جابر بن عبد الله Bه : أنه بكى ذات يوم فقيل له . فقال سمعت رسول الله A يقول : " دخل الناس في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا " وقيل : أراد بالناس أهل اليمن . قال أبو هريرة : لما نزلت قال رسول الله A : " الله أكبر جاء نصر الله والفتح وجاء أهل اليمن : قوم رقيقة قلوبهم الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية " وقال :