" هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط بل هو قرءان مجيد في لوح محفوظ " " فرعون وثمود " بدل من الجنود وأراد بفرعون إياه وآله كما في قوله : " من فرعون وملئهم " يونس : 83 ، والمعنى : قد عرفت تكذيب تلك الجنود للرسل وما نزل بهم لتكذيبهم " بل الذين كفروا " من قومك " في تكذيب " أي : تكذيب واستيجاب للعذاب والله عالم بأحوالهم وقارد عليهم وهم لا يعجزونه . والإحاطة بهم من ورائهم : مثل لأنهم لا يفرقونه كما لا يفوت فائت الشيء المحيط به . ومعنى الإضراب : أن أمرهم أعجب من أمر أولئك ؛ لأنهم سمعوا بقصصهم وبما جرى عليهم ورأوا آثار هلاكهم ولم يعتبروا وكذبوا أشد من تكذيبهم " بل هو " أي بل هذا الذي كذبوا به " قرءان مجيد " شريف عالي الطبقة في الكتب وفي نظمه وإعجازه . قرئ قرآن مجيد بالإضافة أي : قرآن رب مجيد . وقرأ يحيى بن يعمر : في لوح واللوح : الهواء يعني : اللوح فوق السماء السابعة الذي فيه اللوح " محفوظ " من وصول الشياطين إليه وقرئ محفوظ بالرفع صفة للقرآن .
عن رسول الله A : من قأ سورة البروج أعطاه الله بعدد كل يوم جمعة وكل يوم عرفة يكون في الدنيا عشر حسنات .
سورة الطارق .
مكية وآياتها17 .
بسم الله الرحمان الرحيم " والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب " " النجم الثاقب " المضيء كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه كما قيل : دريء لأنه يدرؤه أي : يدفعه . ووصف بالطارق ؛ لأنه يبدو بالليل كما يقال للآتي ليلا : طارق : أو لأنه يطرق الجني أي يصكه . والمراد : جبنس النجوم أو جنس الشهب التي يرجم بها . فإن قلت : ما يشبه قوله " وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب " إلا ترجمة كلمة بأخرى فبين لي أي فائدة تحته ؟ قلت : أراد الله عز من قائل : أن يقسم بالنجم الثاقب تعظيما له لما عرف فيه من عجيب القدرة ولطيف الحكمة وان ينبه على ذلك فجاء بما هو صفة مشتركة بينه وبين غيره وهو الطارق ثم قال : " وما أدراك ما الطارق " ثم فسره بقوله : " النجم الثاقب " كل هذا إظهار لفخامة سأنه كما قال " فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " الواقعة : 75 - 76 روي : أن أبا طالب كان عند رسول الله A فانحط نجم فامتلأ ما ثم نورا فجزع أبو طالب وقال : أي شيء هذا ؟ فقال عليه السلام : هذا نجم رمي به وهو آية من آيات الله فعجب أبو طالب فنزلت .
" إن كل نفس عليها حافظ " فإن قلت : ما جواب القسم ؟ قلت " إن كل نفس لما عليها حافظ " لأن إن لا تخلو فيمن قرأ لما مشددة بمعنى : إلا أن تكون نافية . وفيمن قرأها مخففة على أن ما صلة تكون مخففة من الثقيلة وأيتهما كانت فهي مما يتلقى به القسم حافظ مهيمن عليها رقيب وهو الله D " وكان الله على كل شيء رقيبا " الأحزاب : 52 ، " وكان الله على كل شيء مقيتا " النساء : 85 ، وقيل : ملك يحفظ عملها ويحصي عليها ما تكسب من خير وشر . وروي عن النبي A : وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب . ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين .
" فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترآئب " فإن قلت : ما وجه اتصال قوله " فلينطر " بما قبله ؟ قلت : وجه اتصاله به أنه لما ذكر أن على كل نفس حافظا أتبعه توصية الإنسان بالنظر في أول أمره ونشأته الأولى حتى يعلم أن من أنشأه قارد على وجزائه فيعمل ليوم الإعادة والجزاء ولا يملى على حافظه إلا ما يسره في عاقبته ؛ " مم خلق " استفهام جوابه " خلق من ماء دافق " والدفق : صب فيه دفع . ومعنى دافق : النسبة إلى الدفق الذي هو مصدر دفق كاللابن والتامر . او الإسناد المجازي . والفق في الحقيقة لصاحبه ولم يقل ماءين لا متزاجهما في الرحم واتحادهما حين ابتدئ في خلقه " من بين الصلب والترائب " من بين صلب الرجل وترائب المرأة : وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة . وقرئ الصلب بفتحتين والصلب بضمتين . وفيه أربع لغات : صلب وصلب وصلب وصالب قال العجاج : .
في صلب مثل العنان المؤدم .
وقيل : العظم والعصب من الرجل واللحم والدم من المرأة