قيل : تلفح الجلد لفحة فتدعه أشد سوادا من الليل . والبشر : أعالي الجلود . وعن الحسن . تلوح للناس كقوله : " ثم لترونها عين اليقين " التكاثر : 7 وقرئ لواحة نصبا على الاختصاص للتهويل " عليها تسعة عشر " أي يلي أمرها ويتسلط على أهلها تسعة عشر ملكا . وقيل : صنفا من الملائكة . وقيل : صفا . وقيل نقيبا . وقرئ : تسعة عشر بسكون العين لتوالي الحركات في ما هو في حكم اسم واحد وقرئ تسعة أعشر جمع عشير مثل : يمين وأيمن جعلهم ملائكة لأنهم خلاف جنس المعذبين من الجن والإنس فلا يأخذهم ما يأخذ المجانس من الرأفة والرقة ولا يستروحون إليهم ولأنهم أقوم من خلق الله بحق الله وبالغضب له فتؤمن هوادتهم ولأنهم أشد الخلق بأسا وأقواهم بطشا . عن عمرو بن دينار : واحد منهم يدفع بالفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيهة ومضر . وعن النبي A .
كأن أعينهم البرق وكأن أفواههم الصياصي يجرون أشعارهم لأحدهم مثل قوة الثقلين يسوق أحدهم الأمة وعلى رقبته جبل فيرمى بهم في النار بالجبل عليهم وروي أنه لما نزلت " عليها تسعة عش " قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم أسمع ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم أيعجز كل عشرة منكم أن بطشوا برجل منهم فال أبو الأشد بن أسيد بن كلدة الجمحي وكان شديد البطش أنا أكفيكم سبعة عشر فأكفوني أنتم اثنين فانزل الله " وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة " أي ما جعلناهم رجالا من جنسكم يطاقون . فإن قلت : قد جعل افتنان الكافرين بعدة الزبانية سببا لاستيقان أهل الكتاب وزيادة إيمان المؤمنين واستهزاء الكافرين والمنافقين فما وجه صحة ذلك ؟ قلت ما جعل افتتانهم بالعدة سببا لذلك وإنما العدة نفسها هي التي جعلت سببا وذلك أن المراد بقوله " وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا " وما جعلنا عدتهم إلا تسعة عشر فوضع " فتنة للذين كفروا " موضع " تسعة عشر " لأن حال هذه العدة الناقصة واحدا من عقد العشرين أن يفتتن بها من لا يؤمن بالله وبحكمته ويعترض ويستهزيء ولا يذعن إذعان المؤمن وإن خفى عليه وجه الحكمة كأنه قيل ولقد جعلنا عدتهم عدة من شأنها أن يفتتن بها لأجل استيقان المؤمنين وحيرة الكافرين واستيقان أهل الكتاب لأن عدتهم تسعة عشر في الكتابين فإذا سمعوا بمثلها في القرآن أيقنوا أنه منزل من الله وازدياد المؤمنين إيمانا لتصديقهم بذلك كما صدقوا سائر ما أنزل ولما رأوا من تسليم أهل الكتاب وتصديقهم أنه كذلك . فإن قلت : لم قال " ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون " والاستيقان وازدياد الإيمان دلا على انتفاء الاتياب ؟ قلت : لأنه إذا جمع لهم إثبات اليقين ونفي الشك . كان آكد وأبلغ لوصفهم بسكون النفس وثلج الصدر ولأن فيه تعريضا بحال من عداهم كأنه قال : ولتخالف حالهم حال الشاكين المرتابين من أهل النفاق والمفر . فإن قلت : كيف ذكر الذين في قلوبهم مرض وهم المنافقون والسورة مكية ولم يكن بمكة نفاق وإنما نجم بالمدينة ؟ قلت : معناه وليقول المنافقون الذين ينجمون في مستقبل الزمان بالمدينة بعد الهجرة " والكافرون " بمكة " ماذا أراد الله بهاذا مثلا " وليس في ذلك إلا إخبار بما سيكون كسائر الإخبارات بالغيوب وذلك لا يخالف كون السورة مكية . ويجوز أن يراد بالمرض : الشك والارتياب لأن أهل مكة كان أكثرهم شاكين وبعضهم قاطعين بالكذب