وعبر عن الصلاة بالقراءة ؛ لأنها بعض أركانها كما عبر عنها بالقيام والركوع والسجود يريد : فصلوا ما تيسر عليكم ولم يتعذر من صلاة الليل ؛ وهذا ناسخ للأول ثم نسخا جميعا بالصلوات الخمس . وقيل : هي قراءة القرآن بعينها ؛ قيل : يقرأ مائة آية ومن قرأ مائة آية في ليلة لم يحاجه القرآن وقيل : من قرأ آية كتب من القانتين . وقيل : خمسين آية . وقد بين الحكمة في النسخ . وهي تعذر القيام على المرضى والضاربين في الأرض للتجارة والمجاهدين في سبيل الله . وقيل : سوى الله بين المجاهدين والمسافرين لكسب الحلال . وعن عبد الله بن مسعود Bه : أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه : كان عند الله من الشهداء . وعن عبد الله بن عمر : ما خلق الله موتة أموتها بعد القتل في سبيل الله أحب إلي من أن أموت بين شعبتي رجل : أضرب في الأرض أبتغى من فضل الله . و " علم " اسئناف على تقدير السؤال عن وجه النسخ " وأقيموا الصلواة " يعني المفروضة والزكاة الواجبة وقيل : زكاة الفطر ؛ لأنه لم يكن بمكة زكاة . وإنما وجبت بعد ذلك . ومن فسرها بالزكاة الواجبة جعل آخر السورة مدنيا " وأقرضوا الله قرضا حسنا " يجوز أن يريد : سائر الصدقات وأن يريد : أداء الزكاة على أحسن وجه : من إخراج أطيب المال وأعوده على الفقراء ومراعاة النية وابتغاء وجه الله والصرف إلى المستحق وأن يريد : كل شيء يفعل من الخير مما يتعلق بالنفس والمال " خيرا " ثاني مفعولي وجد . وهو فصل . وجاز وإن لم يقع بين معرفتين . لأن أفعل من أشبه في امتناعه من حرف التعريف المعرفة . وقرأ أبو السمال هو خير وأعظم أجرا بالرفع على الابتداء والخبر .
عن رسول الله A : من قرأ سورة المزمل دفع الله عنه العسر في الدنيا والآخرة .
سورة المدثر .
مكية وهي ست وخمسون آية .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" بأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهم والرجز فاهجر " ط المدثر " لابس الدثار وهو ما فوق الشعار : وهو الثوب الذي يلي الجسد . ومنه قوله E : الأنصار شعار والناس دثار وقيل : هي أول سورة نزلت . وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله A : كنت على جبل حراء فنوديت : يا محمد إنك رسول الله فنظرت عن يميني ويساري فلم أر شيئا فنظرت فوقي فرأيت شيئا وفي رواية عائشة : فنظرت فوقي فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض - يعني الملك الذي ناداه - فرعبتورجعت إلى خديجة فقلت : دثوني دثروني فنزل جبريل وقال : يا أيها المدثر وعن الزهري : أول ما نزل : سورة " اقرأ باسم ربك " إلى قوله : " ما لم يعلم " فحزن رسول الله A وجعل يعلو شواهق الجبال فأتاه جبريل فقال : إنك نبي الله فرجع إلى خديجة وقال : دثروني وصبوا علي ماء باردا فنزل : يا أيها المدثر . وقيل : سمع من قريش ما كرهه فاغتم فتغطى بثوبه مفكرا كما يفعل المغموم . فأمر أن لا يدع إنذارهم وإن أسمعوه وآذوه . وعن عكرمة أنه قرأ على لفظ اسم المفعول . من دثره . وقال : دثرت هذا الأمر وعصب بك كما قال في المزمل : قم من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم " فأنذر " فحذر قومك من عذاب الله إن لم يؤمنوا . والصحيح أن المعنى : فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد " وربك فكبر " واختص ربك بالتكبير : وهو الوصف بالكبرياء ؛ وأن يقال : الله أكبر . ويروى :