" واذكر اسم ربك " ودم على ذكره في ليلك ونهارك واحرص عليه وذكر الله يتناول كل ما كان من ذكر طيب : تسبيح وتهليل وتكبير وتمجيد وتوحيد وصلاة وتلاوة قرآن ودراسة علم وغير ذلك مما كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يستغرق به ساعات ليله ونهاره " وتبتل إليه " وانقطع إليه . فإن قلت : كيف قيل " تبتيلا " مكان تبتلا ؟ قلت : لأن معنى تبتل بتل نفسه فجيء به على معناه مراعاة لحق الفواصل " رب المشرق والمغرب " قرئ مرفوعا على المدح ومجرورا على البدل من ربك . وعن ابن عباس : على القسم بإضمار حرف القسم كقولك : الله لأفعلن وجوابه " لا إلاه إلا هو " كما تقول : والله لا أحد في الدار إلا زيد . وقرأ ابن عباس رب المشارق والمغارب " فاتخذه وكيلا " مسبب عن التهليلة ؛ لأنه هو وحده هو الذي يجب لتوحده بالربوبية أن توكل إليه الأمور . وقيل " وكيلا " : كفيلا بما وعدك من النصر والإظهار . الهجر الجميل : أن يجانبهم بقلبه وهواه ويخالفهم من حسن المخالفة والمداراة والإغضاء وترك المكافأة . وعن أبي الدرداء Bه : إنا لنكشر في وجوه قوم ونضحك إليهم وإن قلوبنا لتقليهم وقيل : هو منسوخ بآية السيف .
" وذرني والمكذبين أولى النعمة ومهلهم قيلا إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كتيبا مهيلا " إذا عرف الرجل من صاحبه أنه مستهم بخطب يريد أن يكفاه أو بعدو يشتعي أن ينتقم له منه وهو مضطلع بذلك مقتدر عليه قال : ذرني وإياه أي : لا تحتاج إلى الظفر بمرادك ومشتهاك إلا أن تخلى بيني وبينه بأن تكل أمره إلي وتستكفينيه فإن في ما يفرغ بالك ويجلي همك وليس ثم منع حتى يطلب إليه أن يذره وإياه إلا ترك الاستكفاء والتفويض كأنه إذا لم يكل أمره إليه فكأنه منعه منه ؛ فإذا وكله إليه فقد أزال المنع وتركه وإياه وفيه دليل على الوثوق بأنه يتمكن من الوفاء بأقصى ما تدور حوله أمنية المخاطب وبما يزيد عليه . النعمة : - بالفتح - التنعم وبالكسر : الإنعام وبالضم : المسرة ؛ يقال : نعم ونعمة عين وهم صناديد قريش وكانوا أهل تنعم وترفة " إن لدينا " ما يضاد تنعمهم من أنكال : وهي القيود الثقال عن الشعبي : إذا ارتفعوا استفلت بهمز الواحد : نكل ونكل . ومن حجيم : وهي النار الشديدة الحر والاتقاد . ومن طعام ذي غصة وهو الذي ينشب في الحلوق فلا يساغ يعني الضريع وشجر الزقوم . ومن عذاب أليم من سائر العذاب فلا ترى موكلا إليه أمرهم موذورا بينه وبينهم ينتقم منهم بمثل ذلك الانتقام . وروي : أن النبي A قرأ الآية فصعق . وعن الحسن : أنه أمسى صائما .
فأتي بطعام فعرضت له هذه الآية ؛ فقال : ارفعه ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال : ارفعه وكذلك الليلة الثالثة فأخبر ثابت الناني ويزيد الضبي ويحيى البكاء فجاؤا فلم يزالوا به حتى شرب شربة من سويق " يوم ترجف " منصوب بما في لدينا . والرجفةز الزلزله والزعزعة الشديدة . والكثيب : الرمل المجتمع من كثب الشيء إذا جمعه كأنه فعيل بمعنى مفعول في أصله . ومنه الكثبة من اللبن قالت الضائنة : أجز جفالا وأحلب كثبا عجالا أي : كانت مثل رمل مجتموع هيل هيلا أي : نشر واسيل .
" إنا أرسلنا إليكم رسولا شهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا " الخطاب لأهل مكة " شهدا عليكم " يشهد عليكم يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم . فإن قلت : لم نكر الرسول ثم عرف ؟ قلت : لأنه أراد : أرسلنا إلى فرعون بعض الرسل فلما أعاده وهو معهود بالذكر أدخل لام التعريف إشارة إلى المذكور بعينه " وبيلا " ثقيلا غليظا من قولهم : كلأ وبيل وخم لا يستمرأ لثقله . والوبيل : العصا الضخمة ومنه : الوابل للمطر العظيم .
" فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا السماء منفطر به كان وعدم مفعولا "