" وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا الظن وما نحن بمستيقنين وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا يستهزئون " .
وقرئ : والساعة بالنصب عطفا على الوعد وبالرفع عطفا على محل إن واسمها " ما الساعة " أي شيء الساعة ؟ فإن قلت : ما معنى إن نظن إلا ظنا ؟ قلت : أصله نظن ظنا . ومعناه : إثبات الظن فحسب فأدخل حرفا النفي والاستثناء ليفاد إثبات الظن مع في ما سواه وزيد نفي ما سوى الظن توكيدا بقوله : " وما نحن بمستيقنين...... سيئات ما عملوا " أي قبائح أعمالهم . أو عقوبات أعمالهم السيئات كقوله تعالى : " وجزاء سيئة سيئة مثلها " الشورى : 45 .
" وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون " .
" ننساكم " نترككم في العذاب كما تركتم عدة " لقاء يومكم هذا " وهي الطاعة أو نجعلكم بمنزلة الشيء المنسي غير المبالى به كما لم تبالوا أنتم بلقاء يومكم ولم تخطروه ببال كالشيء الذي يطرح نسيا منسيا . فإن قلت : فما معنى إضافة اللقاء إلى اليوم . قلت : كمعنى إضافة المكر في قوله تعالى : " بل مكر الليل والنهار " سبأ : 33 ، أي نسيتم لقاء الله في يومكم هذا ولقاء جزائه . وقرئ لا يخرجون بفتح الياء " ولا هم يستعتبون " ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أي يرضوه .
" فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم " .
" فلله الحمد " فاحمدوا الله الذي هو ربكم ورب كل شيء من السموات والأرض والعالمين فإن مثل هذه الربوبية العامة يوجب الحمد والثناء على كل مربوب . وكبروه فقد ظهرت آثار كبريائه وعظمته " في السموات والأرض " وحق مثله أن يكبر ويعظم .
عن رسول الله A : " من قرأ حم الجاثية ستر الله عورته وسكن روعته يوم الحساب " .
سورة الأحقاف .
مكية وآياتها 34 وقيل 35 .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق والذين كفروا عما أنذروا معرضون " .
" إلا بالحق " إلا خلقا ملتبسا بالحكمة والغرض الصحيح وبتقدير " وأجل مسمى " ينتهى إليه وهو يوم القيامة " والذين كفروا عما أنذروا " من هول ذلك اليوم الذي لا بد لكل خلق من انتهائه إليه " معرضون " لا يؤمنون به ولا يهتمون بالاستعداد له . ويجوز أن تكون ما مصدرية أي : عن إنذارهم ذلك اليوم .
" قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات أئتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين " .
" بكتاب من قبل هذا " أي من قبل هذا الكتاب وهو القرآن يعني : أن هذا كتاب ناطق بالتوحيد وإبطال الشرك . وما من كتاب أنزل من قبله من كتب الله إلا وهو ناطق بمثل ذلك فأتوا بكتاب واحد منزل من قبله شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله " أو أثارة من علم " أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين من قولهم : سمنت الناقة على أثارة من شحم أي : على بقية شحم كانت بها من شحم ذاهب . وقرئ أثرة لا أي : من شيء أوثرتم به وخصصتم من علم لا إحاطة به لغيركم . قرئ أثرة بالحركات الثلاث في الهمزة مع سكون الثاء فالإثرة بالكسر بمعنى الأثرة . أما الأثرة فالمرة من مصدر : أثر الحديث إذا رواه . وأما الأثرة بالضم فاسم ما يؤثر الخطبة : اسم ما يخطب به .
" ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون "